يوما بعد يوم تزداد مساحة(الألم) وتكبر رقعة (المعاناة) لدى كثير من الخريجين والخريجات في محافظة أبين، الذين وجدوا أنفسهم بين (مطرقة) المتابعة الطويلة للحصول على وظيفة (وسندان) التجاهل والمحسوبية ليغدو حال الكثيرين منهم كمن يبحث عن (إبرة) وسط كومة قش كبيرة. يوم أمس لفت نظري تجمهر عدد كبير من الفتيات أمام مكتب محافظ أبين الخالي تماماً من المسؤولين، كما جرت العادة. اقتربت منهن وبفضول الصحفي سألت بعضهن عن أسباب وجودهن بهذه الكثافة ؟ ولم أتخيل قط تدافعهن نحوي فور علمهن أنني ممثلا للسلطة الرابعة. للوهلة الأولى أدركت أنهن (فتيات) قد ارتمين في أحضان القهر والشعور بالظلم، استنزف كثرة التفكير في المستقبل (عقولهن) ونهش في أجسادهن الإحساس بالألم جراء (التلاعب) بحقهن في الحصول على وظيفة، زفرات أسى مبحوحة كن يطلقنها ولا (مجيب) وأصوات تملكها اليأس والقنوط على سنوات مضت وأيام طويلة خلت منذ التخرج وساعات قادمة لا تعني لهن إلا المزيد من الألم و(النحيب)، نظرة (أهاليهن) لهن بعد سنوات من المعاناة والدراسة والتعب والاجتهاد والأرق (تحاصرهن) في كل لحظة، (وغول) الوعود الزائفة يقطع أوصال ما بقي فيهن من (أمل). هكذا بدا المشهد أمامي وأنا استمع لأحاديثهن لدرجة تشعر من خلالها أن (الأرض) قد ضاقت عليهن بما رحبت وأن في القادم نظرهن لن يكون إلا (ليلاً) دامساً لا شمس فيه ولا (إشراق) اشتكين بمرارة كثرة الوعود والقهر الذي مورس ضدهن وحرمانهن مما يعتبرنه حقاً لهن كفله الدستور والقانون .. فإلى حصيلة الاستطلاع: استفزتني إحداهن بالقول : (أنت كصحفي هل عندك الشجاعة كي تكتب ما سنقوله لك ؟؟)، كنت أدرك أنها في لحظة تعصب وغضب، قلت لهن تحدثن بما شئتن وقلن ما بدا لكن، فلن يكون على كلامكن (مقص) أو رقيب. أتهمن بعض القائمين على أمر الوظائف بالكذب والمغالطة ومسؤولين في مكتب التربية والتعليم بالتزوير والتلاعب ولم يترددن في القول إن (الميسري) كالأطرش في الزفة طالما وقد فتح أذنيه فقط لبعض من المقربين ممن هم بلا أخلاق أو ذمة، من الذين تفضحهم ألسنتهم الماكرة وتدل عليهم أفعالهم (النتنة) استبد الغضب بالكثير منهن فتطايرت اتهاماتهن في كل جانب، قلت لهن: إن الكلام ما لم يكن مقروناً بدلائل يغدو كمطاردة (خيط) دخان في هواء طلق، ولكنني أتمنى أن توقظ صرخاتهن (الضمائر) الميتة ممن ولي أمر مسألة التوظيف في المحافظة. (سنوات طويلة من المعاناة) تقول (نهاد محمد سعيد) بكالوريوس – رياضيات ، فيزياء من عام 1999م: يا أخي ضاق حالنا وأصبحت حياتنا (جحيماً) لا يطاق، الألم يعتصر قلوبنا على التلاعب بحقوقنا بعد سنوات طويلة من الجهد والمثابرة في التعليم، وأضافت: لم نكن نعلم أنه بات لزاماً علينا الانتظار لسنوات طويلة موازية لسنوات الدراسة كي نحصل على الوظيفة المحصورة أصلاً لمن لديه (وساطة) ويملك فلوساً !! تلتقط الحديث زميلتها إخلاص بكالوريوس لغة عربية من عام 2002 م وتقول بصوت مبحوح لولا التلاعب بالوظائف وعمليات البيع والشراء والسمسرة لكنت الآن (موظفه) ولكن حسبنا الله ونعم الوكيل ، وتساءلت : أين تذهب حصة المحافظة في الوظائف سواء في وظائف (الإحلال أو الموازنة أو حتى وظائف الثانوية العامة)، قالت وهي ترد على نفسها : أكيد ذهبت لعدد كبير من أبناء المسؤولين والمقربين أو من يدفع أكثر بعدما أصبحت الوظائف تباع وتشترى عيني عينك ومستعدين للمواجهة وإعلان أسماء من يتاجروا بالوظائف لو أراد المحافظ ذلك. (نسينا القراءة والكتابة) من جانبها قالت سهام غانم بكالوريوس لغة عربية من عام 2000 م يا أخي قد نسينا حتى القراءة والكتابة وضاق حالنا من سنوات الانتظار والتردد على مكتب الخدمة المدنية والتربية والتعليم، خلاص كل شيء واضح بعد أن تم استبدال (المؤهل) بمدى قربك من المسؤول و(سنوات) التخرج بمدى ما تحمله في جيبك من مبلغ والله فوق كل ظالم. حياة عبد الخالق صرخت بالقول: مللت الشكوى وطرق أبواب المسؤولين واستنفذت كل الوسائل الممكنة وغير الممكنة بما في ذلك دفع (الفلوس) علما أنني من خريجي الثانوية العامة من عام 1995 م وحسبنا الله ونعم الوكيل ،، وتلتقط خيط الحديث زميلة أخرى قائلة: (أنا متعاقدة من عام 93 م في عدد من المرافق الحكومية ولا أجد إلا الوعود والكذب منذ (18) عاماً وفي كل مرة لا أجد إلا الجواب المعتاد وهو الانتظار للعام المقبل وهلم جرا. وبالقرب منها تحدثت إحدى الفتيات لم استوضح اسمها قالت والغصة تملأ حلقها : (انقطعت عن مواصلة دراستي نتيجة ظروف مرضية وقد كنت في السنة الأخيرة (بكالوريوس) وتبقيت في مادتين فقط وعندما أردت استكمال دراستي فوجئت بفصلي بل ومطالبتي بالتسجيل والدراسة من جديد، فسبب لي ذلك إحباطاً كبيراً، فتابعت من اجل الحصول على وظيفة بشهادة الثانوية العامة ولم أفلح منذ فترة طويلة وأصبح حالي كالمستجير من الرمضاء بالنار ومع ذلك أقول لكل ظالم ممن يبيعون ويشترون في الوظائف إن الله فوق الجميع وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. (إشارات عابرة) * لا تظلمن إذا ما كنت مقتدرا *** فالظلم آخره يأتيك بالندم تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم كان ذلك لسان حال الكثير من الشباب والفتيات الذين أضاعوا سنوات طويلة في متابعة الوظيفة دون فائدة * لم يترددن الفتيات في حديثهن للصحيفة في حال عدم الاستجابة لمطالبهن ومنحهن حقهن في الوظيفة حسب المؤهل وسنوات التخرج إلى الخروج إلى الشارع والتظاهر يومياً فالحقوق لا تتجزأ ولا تسقط بالتقادم حسب قولهن. * لماذا لا يفتح المحافظ (باب) مكتبه لكل المحتجين على توزيع الوظائف ويستمع من الخريجين والخريجات طالما وقد أبدى بعضهم شجاعة متناهية في ذكر أسماء من يبيعون ويشترون بالوظائف وفتح تحقيق في ذلك. * لم يعد هناك ثقة بالقائمين على أمر الوظائف، هذا ما لمسته من أحاديث بعض الخريجين والخريجات، أمام ذلك لماذا لا يتم اختيار عضوين أو ثلاثة من أعضاء المجلس المحلي ممن عرف عنهم الصدق والأمانة ومعهم لجنة من الشباب أنفسهم للإشراف على توزيع الوظائف بحسب الأقدمية والمؤهل. * لم نتمكن من ذكر أسماء بعض المتحدثات لعدم وضوح الصوت فلزم التنويه بذلك.