الخريجون في مديرية لودر محافظة أبين ، يمر بهم قطار الأيام وهم في أماكنهم لايملون ولايكلون انتظاراً ، يعتلون صهوة أحلامهم كل صباح ،يتاهبون للركض وراء مستقبلهم الضائع في زحام الوساطات والمال التي باتت فوق القانون ،مقيدين بصمت الفجر ، ليس لهم سوى أملهم المرهون بتحقيق الوظيفة والخروج من سرداب المعاناة.. مئات الخرجين من حملة الشهادات الجامعية والثانوية في مديرية لودر ،كانت أحلامهم تزن الجبال رزانة ..وفجأة أصبحت أحلامهم وأمالهم سرابا فولدت لديهم الهموم والأحزان ...شباب وفتيات توزعت سنوات انتظارهم بين مطرقة الخدمة المدنية وسنوات حق ((الوساطة)) ...فبعد أن كانت أحلامهم تزن الجبال ضخامة أصبحت سراباً، يحسبه الظمآن ماء حتى إذا جاءه لم يجده شيئا ... صحيفة ((أخبار اليوم)) رحلت إلى قلوب هؤلاء الشباب لتسلط الضوء على سرب من الخريجيين والعاطلين عن العمل الذين طال بهم الانتظار ...فإلى التفاصيل: **الخريجون يبحثون عن الوظيفة ** الخريجون من أبناء مديرية لودر بكافة مناطقها ومدنها منهم من نال حظه والذي وضعه بجهده وعرقه بعد أن بلغت نفسه حلقومها ...وهناك من رحل بصمت إلى ارض المهجر وآخر مات ببطء وقض نحبه ... وهناك من يقتله التهميش ، والبعض الآخر ينتظر كلمة رثاء على حياته البائسة وفريق يستدر عطفاً أمام أبواب الإدارات المختلفة التي لا تعرف في قاموسها العدل والإنصاف ... في هذا التقرير الصحفي المتواضع التقينا بعشرات الجامعين والعاطلين عن العمل الذين قدموا متأبطين مراسلات وشهادات التخرج وعلى محياهم براءة يحدوها الأمل ويجددها الطموح في وطن احرق فيه الفاسدون الزهور وشمعة الأمل ... وأصبح هؤلاء العاطلون عن العمل يقتاتون آلامهم ويلوكون أحزانهم وعيونهم حسرات عليهم . طال انتظارهم ناصر عبدالله ناصر طيوز خريج معهد عالي 98- 99م سقط شعر رأسه ...وترك أحلامه كلها وآماله جانباً بعد عناء طويل من المتابعة الشاقة خلف سراب الوظيفة، لكنه رفع رايته أخيراً مستسلماً لموجات اليأس ،ذاهباً إلى مجال غير مجاله بل ربما لم يفكر انه يدخله مرة واحدة في حياته ...يقول ناصر عبدالله : ( كنت احمل آمالاً عريضة وأحلاماً طائلة امني بها نفسي باني ساحققها عقب التخرج مباشرة، ولكن كل هذه الأشياء ماتت متبخرة على صخرة الانتظار ، لم اصدق انني لن احصل على وظيفة انتظرتها اثني عشر عاماً لكنني لم احصل على بصيص أمل في وظيفة في التربية كمدرس ). ويضيف : (( دفعت من اجل الحصول على وظيفة مبالغ باهضة ورغم دفع المال إلا إنني لم افلح ، وعبر صحيفة ((أخبار اليوم )) أناشد المسؤوليين بالنظر إلى الخريجين القدامى بعين الرحمة والشفقة والبت في توظيفهم فقد صلعت رؤوسهم وشابة لحاهم وتنحت ظهورهم (( البعض منهم قد ودع الحياة وهم بانتظار الوظيفة )). ** الوساطة هي من تقسم ظهر الخريج ** والتقت ((أخبار اليوم)) بالخريج / عمرصالح علوي المسقعي خريج كلية التربية لودر قسم برمجة حاسوب – بتقدير جيد جيداً – وقال : (( منذ ثلاث سنوات مضت والى الآن مازلت ابحث جاهداً عن عمل أو وظيفة في مجال تخصصي ... وها أنا خريج جامعي بدون عمل وكأنني لم ادرس ولم احمل شهادة جامعية )) ويضيف : (( والسبب في ذلك إن الوساطات هي من تقسم ظهر الخريج والسماسرة عاثوا في البلاد فساداً ... وأصبح هذا الخريج الذي لايملك وساطة ولامعه سماسرة يصبح في خبركان ))... ** حرُمت من التوظيف فبعت البقل والكراث ** أحمد شرفان تخرج عام 1998م يحمل شهادة جامعية تردد لتجديد قيد العمل ما يقارب أحد عشر سنة منذ تخرجه ... تنهد تنهيدة والعرق يتصبب من جبينه لقيامه ببيع البقوليات في سوق لودر تحت حرارة الشمس المحرقة بقولة : (( انا خريج دبلوم جامعي تخرجت في عام 1998م ووظائفنا ذهبت لغير مستحقيها عن طريق الوساطة ... لقد مللت من إعادة تجديد قيد الخدمة المدنية وسئمت هذا الوضع في البلاد )) وسألنا: لماذا انت ساخظ ويائس ؟ فقال : (( يا أخي الوظيفة تحتاج إلى مال باهض وأنا لاحولا لي ولاقوة وأعيل أسرة ،ولا استطيع توفير مثل هذا المبلغ من المال ، وهكذا وجد احمد شرفان نفسه مضطراً للعمل ليوفر لقيمات عيش يسد بها رمقه ورمق أسرته ، حتى يقضي الله امراً كان مفعولاً )). **البطالة كابوس ** صالح علي احمد عمرهبي ، دبلوم عالي : يقول : (( تخرجت عام 2002- 2003م)) وأنا ابحث عن وظيفة ولكن دون جدوى .والسبب في ذلك كما يقول صالح علي – إن الوساطة هي من تقسم ظهر البعير وخاصة الذين يملكون هذا السلاح السحري (( الوساطة )) وما حصل للشاب صالح علي صورة من صور التلاعب والسمسرة بالتوظيف، بل يستخدم القادمون من المحافظات الأخرى أسلوب قطع بطاقات الهوية من أبين كشهادة إثبات الأحقية ، مروان عمر ، بكلاريوس إسلامية – عربي كلية التربية لودر : يقول : (( قيد اسمي في الخدمة المدنية منذ ست سنوات فانا خريج عام 2002/2003م ... فكل الوعود التي حصلت عليها أصبحت مجرده من المصداقية )). احمد صالح علي ، من لودر يحمل شهادة بكلاريوس حقوق ، تردد مجدداً قيد طلب العمل ما يقارب الخمس سنوات فتحدث عن مأساته : (( كم كنت حريصا ً على مواصلة تعليمي وتحقيق حلمي لكن يئست من أن انتزع وظيفتي من بين المخالب والأنياب ولا استطيع أن أوفر مبلغ شراء وظيفة )). هاني عبدالله الشعب خريج ثانوية عامة عام 98/99م يقول : (( ان الحديث عن التوظيف ذو شجون ولاندري لمن نشكوا قبل 2011م وظفت الحكومة من هب ودب أمي متحرر من الأمية ويعرف يقراء ويكتب وكل هذه الوظائف ذهبت بالوساطات والسمسرة والأقارب وأما نحن الفقراء فليس لنا إلا الله وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون . وأبواب الرزق كثيرة ولاتوجد لدينا أموال طائلة لشراء وظيفة ولا يوجد لدينا وساطات )). عماد عمر الشحفوف ،عاطل عن العمل قال : (( أصبحت مشكلة البطالة من أهم واكبر المشاكل التي نواجهها نحن الشباب في مجتمعنا اليمني وتتلخص هذه المشاكل أساسياً في عدم حصولنا على وظائف سواء في القطاع العام أو الخاص وهذا ما واجهني أصلاً في مسير الحياة )). ** أيها المسؤولون في المحافظة كلكم راع وكلكم مسؤولاً رعيته ** كثير هم المقهورن الذين تضيق بالآمهم سماء الوطن ... وحينها يشعر الإنسان بظلم مركب يهاجم جموع الخريجين ، بعضهم يعمل حلاقاً وآخر ((مباشر )) في مطعم وعامل في ورشة وجامعيون في هذه المديرية يرعون الأغنام ويحملون البضائع والأحجار ويتسابقون على بيع الأسماك والخضروات والفواكه والبقول في الأسواق والبعض الآخر فقد عقله فبات يهيم في الشوارع ... وكثير من خرجي الثانوية العامة رفضوا التقدم إلى الجامعة لأنهم خائفون على مستقبلهم، فقد شهادوا قبلهم إخوانهم الخرجين والجامعين السابقين، يؤدون الخدمة في حمل البضائع والأحجار ورعي الأغنام والحلاقة ويبيعون الخضروات في البسطات ... فيا أيها المسؤولون في المحافظة ممثلة (( بالمحافظ ومدير الخدمة المدنية ومدير التربية والتعليم )) هذا غيض من فيض من حكايات مؤلمة للخرجين، فماذا انتم فاعلون في وظائف الإحلال القادمة ... هل تتحقق أحلامهم ؟ أم يحسبه الظمأن ماءً ؟ أم يأسوا من الوظائف كما يأس الكفار من أهل القبور .