إن ّ الوضع الراهن الذي يعيشه خريجو كليات التربية في اليمن ليُشعرَ المرء بالحسرة والكمد ممّا يكابده أولئك الخريجون من مرارة الأسى وقسوة المعاناة وأزمة الوظيفة وغموض المستقبل.لا يشعر بحالهم سواهم, قتلهم الفراغ بسكين الإحباط , وأرهقهم التفكير في مآلهم ومصيرهم,سئموا من الحياة بدون عمل, وجرحوا من نظرة المجتمع لهم بأنهم عاطلون. هؤلاء هم الذين رسموا أحلامهم بريشة الأمل على جدار الحياة ذات يوم,صبغوها بأجمل الألوان , ينظرون إليها مع بزوغ الفجر وأفول الشمس من كل يوم نظرة تفاؤل وشموخ ولم يعلموا أنّ أحلامهم ستتبدد وتضمحل يوماً ما, وتصبح فجأةً كالسراب الذي يحسبه الظمآن ماءً .آه ما أقسى الإحباط!!! آه من شرارة اليأس عندما تبدو على ملامح الإنسان!!! بالأمس دخل هؤلاء الخريجون من بوابة الكلية طلاباً للعلم مبتهجين مسرورين يحدوهم الأمل نحو المستقبل المشرق, كلّهم طموح وعزيمة وإصرار من أجل خدمة هذا البلد في المجال التربوي الذي أحبته أنفسهم وانتموا إليه رغبة فيه. والذي زادهم قوةً, وأكسبهم ثقةً, وضماناً لمستقبلهم هو الحالة التي يروا فيها بعض المديريات بل مناطقهم بحاجة لمن ينير الطريق لأطفال تلك القرى, يكون هو فارس الميدان للعمل وإنارة عقولهم بعد التخرّج في حقل وزارة التربية والتعليم .فمرّت الأيام كعادتها سراعاً وشاء الله أن يتخرّج أولئك الطلاب بعد أربع سنوات ملئ بالجد والمثابرة والكفاح نهلوا خلالها من ينابيع العلم والمعرفة. وهيُّئوا لأن يكونوا أساتذة تربويين مؤهلين لتربية الأجيال القادمة, وإذا بالصدمة المفاجئة تباغتهم بعد ما تسلّموا وثائقهم من عمادات كلياتهم حيث أخبروا حينها بأنّ وزارة الخدمة وأرشيفها ملئ بالطلاب السابقين وحسب الأولية مهما كانت الدرجات والمؤهلات وعليهم الانتظار. يا لها من صدمة!!! يا لها من حسرة!!! تخيّل أخي الإنسان أن تدرس أربع سنوات وتعلم حينها أنّ وظيفتك بانتظارك محجوزة لك برقم وظيفي وتتخرّج بتقدير ممتاز أوجيد جداً أو جيد وتفاجأ بإلغاء وظيفتك أو تجاهلك وعدم ترشيحك.. تخيّل أخي الإنسان أن تحمل شهادة بكالوريوس تربوي مع مرتبة الشرف الأولى أو الثانية ولم تشفع لك بالحصول على وظيفة لقد بحث إخواننا الخريجون -وأعياهم البحث- عن مصدر رزق لهم يسدون به رمقهم وحاجاتهم فمنهم الذي يعول أسرة كبيرة ومنهم من لديه أبناء وبنات مطالبين بمستلزمات حياتيه يومية لا يستطيعون تحقيقها وتنفيذها لهم, ومنهم من يريد أن يطرد الملل والفراغ من حياته فضاقت بهم السبل . ومنهم من أراد أن يبحث عن الوظيفة بالطرق الرسمية ذاهبين إلى المرافق والدوائر الحكومية متكبدين عناء السفر لعلنا نجد حلاّ لهذه المشكلة التي أرّقتنا وأرهقتنا كثيراً, فلم يجد المسئولون حلاً لنا إلاّ قولهم :عليكم بالصبر والانتظار. وقد طال الانتظار بعد أن كان الحجزُ للوظيفة مؤكداً, وختم حديثه بالبيت المشهور :شكوتُ وما الشكوى لمثلي عادةً ..لكن تفيض العين عند امتلائها إنّ هؤلاء الخريجين جديرون بالتوظيف ومعهم الحق في المطالبة بتعيينهم ولديهم ما يثبت ذلك ولا ينبغي تجاهلهم مهما كانت الأسباب .