مشكلة التعليم في المناطق الريفية تتفاقم يوماً بعد يوم في بلادنا في ظل غياب الخارطة التعليمية والافتقار إلى منهجية التعليم لأن اغلب القائمين على التعليم الريفي هم من حملة الشهادتين الإعدادية والثانوية وهذه هي كارثة التعليم الريفي عوضاً على غياب الرقابة والإشراف المركزي على هذه المدارس المنتشرة في الريف اليمني والتي تغلب عليها طابع التبعية لأفراد وجماعات معينين. إن اعتماد وزارة التربية والتعليم اعتماداً كلياً على المراكز التعليمية في مراكز المديريات من حيث الإشراف التربوي والمتابعة والتخطيط والإدارة، وتوزيع المدرسين على المدارس في المديريات، والتي عادة ما تكون عبارة عن مراكز صورية لا تدار إلا من قبل أشخاص متنفذين في المنطقة التي تقع فيها هذه المراكز التعليمية- خاصة إذا علمنا إن أولئك الأشخاص القائمون على إدارة هذه المراكز هم أيضاً يحملون مؤهلات بسيطة اغلبها الشهادة الإعدادية أو الثانوية، فيؤدي هذا التصرف إلى بتر أعضاء التعليم وإصابتهم بالإعاقة المستديمة. ومن هنا يأتي ضعفهم الإداري واعتمادهم على الدعم المعنوي والعملي المقدم لهم من المتنفذين وحمايتهم من المساءلة القانونية يجعل التعليم الريفي تحت درجة الصفر من حيث التحصيل والمعرفة والإبداع. أما نجاح الطلبة في المدارس الريفية فيتم بطرق مختلفة لا يهم التحصيل العلمي فيها بقدر ما ترفع كشوفات وهمية بأكبر نسبة للنجاح حتى يظهر هذا المركز أو ذلك بمظهر المتفوق في تقديم كشوفات تحتوي على اكبر نسبة نجاح للطلاب والطالبات في مدارس المديرية. ووزارة التربية والتعليم لديها علم، والمهتمين بالتربية يعلمون أيضاً قدرات الطالب خريج الثانوية العامة أو الإعدادية فهو يفتقر إلى الكثير بل لكل المعلومات التربوية- بل اجزم إن الغالبية العظمى من خريجي هذه المدارس لا يفهمون شيئاً من المعلومات العامة أو عن المقررات الدراسية خاصة في ظل التحديث المنهجي للتعليم، فكيف تسند لهم عملية التدريس في مدارس محسوبة على وزارة التربية والتعليم؟؟ إن التعليم في الريف هذه الأيام يمر في مرحلة الاحتضار فهو يشبه ذلك الشخص الذي يضرب ظله، ويطارد خياله فيكتشف انه يجري وراء سراب لا يستطيع الإمساك به.. ونتيجة لهذا الضياع وهذا التخبط الحاصل في المدارس الريفية وسلوكيات القائمين عليها كان ولا يزال ولن ينقطع النزوح السكاني من الريف إلى عواصم المحافظات، والمدن الرئيسية في بلادنا بحثاً عن تعليم أفضل. وهذا النزوح يشكل كارثة اجتماعية واقتصادية ويربك عملية التخطيط الحضري والسكاني,وبالتالي تضيع كل الجهود المبذولة للتنمية الإنسانية والاقتصادية في الجمهورية اليمنية الفتية في ظل رعاية الأخ الرئيس علي عبد الله صالح للعملية التربوية. وزارة التربية والتعليم تشتكي من العجز في المدرسين في المدارس الريفية والنائية، وهذا شيءٌ مؤسف بحق!! لماذا لا تقوم إدارة الإشراف التربوي بوزارة التربية والتعليم وبالتعاون مع إدارة البعثات في وزارة التعليم العالي والبحث العلمي بعمل مسح كامل لخريجي الجامعات اليمنية والمبتعثين في الخارج؟ ولماذا يتركوا هؤلاء الخريجين يتسكعون في الشوارع أو يعملون كسائقين للتاكسي وعمال في المطاعم دون إن تستغل وزارة التربية والتعليم طاقة هؤلاء الشباب في توظيفهم كمدرسين في المدارس اليمنية الريفية والحضرية؟ إن اغلب المدرسين متكدسين في مدارس عواصم المحافظات والبقية منهم يبحثون عن أعمال فهم يعدون بالعشرات بل بالمئات من خريجي الجامعات اليمنية عوضاً عن الطلاب المبتعثين للدراسة في كليات المعلمين وكليات التربية لدى الدول الشقيقة والصديقة في مختلف التخصصات العلمية والأكاديمية. فهؤلاء يذهبون إلى الوزارة بعد تخرجهم على أمل تثبيتهم وظيفياً حسب تخصصاتهم ودرجاتهم العلمية ولكن وما أدراك ما لكن !! يكون الرد بغاية البساطة والبرود لا توجد درجات وظيفية انتظروا نزول الدرجات في العام المقبل أو بعده سوف نسجلكم ونستدعيكم عند توفر الدرجات الوظيفية، (انتظر يا حِمَاري لِنُزُول المطر واخضرار الأرض لكي تأكل حتى تشبع).. في الوقت الذي تمتلئ مدارسنا بحملة الشهادات الإعدادية والثانوية كمدرسين في مدارسنا المختلفة الدرجات!! أين يذهب هؤلاء الخريجون من حملة التخصصات العلمية؟ اغلب هؤلاء الخريجين هاجروا من البلاد إلى بلاد الاغتراب باحثين عن وظائف فقدوها في وطنهم الحبيب خاصة أولئك الطلاب المبتعثين الذين عادوا إلى البلاد التي كانوا يدرسون في جامعاتها أو كلياتها في الوقت الذي فيه الوطن بأمس الحاجة لهؤلاء الكوادر الوطنية للمشاركة في البناء والتعمير. لم استطع أن افهم سبباً واحداً لرفض وزارة التربية والتعليم توظيف هؤلاء الكوادر من حملة الدرجات العلمية المتخصصة في مدارسنا سواء في الريف أو في المدن!!! في الوقت الذي نقرأ فيه إعلان أو تصريح المسئولين عن العملية التربوية وبتفاخر أنهم تعاقدوا مع عدد (850) خريجة ثانوية للتدريس في المدارس الريفية.. عجباً لهذا الازدواج في التعامل، والتضارب في المواقف، هل الطالب خريج الثانوية أكثر علماً وفهماً ومعرفة من الطالب خريج الجامعة وحملة التخصصات الأكاديمية؟ عند وزارة التربية والتعليم الخبر اليقين .....! قد نكون مخطئين في التقدير، ولكننا نعتقد انه من حقنا كمواطنين أن نفهم السر في القضية!! أنا لا أقول هذا الكلام من فراغ، ولكن من واقع معاش نعيشه في مدارسنا الريفية ويجنون فشله أبنائنا في الريف، ونتألم عندما نجد إن من كان بالأمس طالباً مبتعثاً من قبل الوطن اليمني في كلية المعلمين أو في كلية التربية يبحث عن عمل في نفس البلاد التي كان يدرس فيها. نحن هنا في المنطقة الشرقية لدينا طلبة كثيرون من خريجي كلية المعلمين أو الكليات التربية والتعليم من الطلبة المبتعثين وغير المبتعثين يعملون في وظائف مختلفة.. وعند سؤالنا لهم: لماذا تفضلوا البقاء على العودة إلى الوطن؟ تكون الإجابة واحدة تقريباً وهي: "ذهبنا إلى وزارة التربية والتعليم فلم نجد وظائف، فهل نجلس في بيوتنا نأكل الندم ونشرب العلقم "!؟ وأنا هنا اقتبست العنوان لهذا المقال من إجابة احد الطلبة الخريجين ويحمل تخصص ربما يكون نادر في بلادنا بعد تغير المعنى عندما قال: البحث عن وظيفة في وزارة التربية والتعليم كمن يحاول إن يضرب ظله أو يبحث عن إبرة في كوم من القش.. فنحن نجري وراء سراب، فالوظائف تحجز لطلبة معروفين مسبقاً.....الخ! [email protected]