ثمة تساؤلات تفرض نفسها - و بقوة - على ضمير كل كائن حي سواء ميز بالعقل أو بدونه لتكن الحيوانات - في كثير من الأحيان - هي الأقرب لمنطق العدل و الغيرة على فصائلها أكثر من بني البشر و الذين وهبهم الله عقول نيرة تتناسب و المكانة التي يتبوؤنها, تساؤلات تفرض نفسها للمرة الألف و المليون و إلى مالا نهاية عن خنوع هؤلاء النيرين تجاه ما يجري لأمتهم و بالتحديد في بقعة جعلها من ضمن ثلاثة أماكن لا تشد الرحال إلا إليها على سطح هذا الكوكب .. انسلاخ هؤلاء البشر عن مسؤولياتهم أشبه بسلخ الشاه بعد ذبحها مع فارق بسيط أن الأخرى تموت بينما تحسب علينا الأولى من ضمن الأحياء وهم في عداد الموتى , ليس لزاما أن يموت الجسد و الذي يعد بحد ذاته أهون ألف مرة من موت الضمير و المبدأ و العزة و الكرامة و الشهامة و النخوة و الغيرة العربية لدى هؤلاء و المحسوبين علينا و على كل العالم أنهم يمثلونا في مقهى أطلقوا عليه ( جامعة الدول العربية ) بينما هي أوهى من بيوت العنكبوت ... ما الذي جناه الشارع العربي من هذه الجامعة واما الذي قدمته لشعوبها غير عقد القمم الهزيلة التي لم يؤتى ثمارها و لم يلمس منه موقف عربي و قومي جاد منذ نشأتها باستثناء القمة العربية الناجحة و الوحيدة التي عقدت عام 1990م حين أقر الجميع ضرب العراق وطبق القرار بحذافيره و بموافقة الأغلبية ليصبح حقيقة ملموسة على أرض الواقع و مازال نجاحه قائم على شلالات الدماء التي تسفك فيه حتى اللحظة .. لا أعرف ما الذي جعل الرئيس السوري يجدد دعوته بعقد قمة عربية عاجلة و قد أنتصف العدوان على غزة أسبوعه الثالث دون تحركات عربية جادة و لا حتى من قبل ما تسمى ( بجامعة الخضوع العربية ) و التي عجزت عن استصدار أي قرار من شأنه إيقاف العدو عند حده بينما بدأ مجلس حقوق الإنسان في جنيف يستأنف أشغاله للنظر في المجازر الإسرائيلية التي ترتكب على حقوق الإنسان في قطاع غزة .. الجامعة العربية التي لم يجني منها العالم العربي سوى الويل والثبور و عظائم الأمور لا أعرف أيضا ما الذي يحدي بأمينها العام الرجل المخضرم و السياسي المحنك إلى التمسك بمنصبه رغم كل الإخفاقات التي مني بها من تفعيل قرار مجلس الأمن بإيقاف مجازر غزة و الذي اخترقته الدولة الإسرائيلية و الوحيدة القادرة على ذالك في العالم كله دون حسيب أو رقيب باستثناء أمها الحنون بالطبع .. أليس من ألأولى و من باب ( الحفاظ على ماء الوجه ) لهذا الرجل أن يترك منصبه و يلعن اليوم الذي جلس فيه على كرسيه بعد أن رفضت وزيرة الخارجية الأميركية كوندوليزا رايس وجوده ضمن وفد وزراء الخارجية العرب الذين التقتهم لدقائق معدودة في الأممالمتحدة لمناقشة الوضع في غزة ؟ من المفارقات العجيبة و الأمور الغريبة لهذه الجامعة أنه قبل بضعة أشهر عقدت اجتماع لوزراء الإعلام العرب هدفه استصدار قرار لتنظيم البث العربي , و الكل يعرف هنا أن الأمر ليس كما يخيل للبعض من وضع حدود للقنوات المائعة أو تلك التي تبث المسلسلات المدبلجة و الهادفة لطمس الهوية و المقومات العربية ... نقول و بكل وضوح وصراحة أن قناة ( الجزيرة ) و التي سعى هؤلاء الموتورين إلى تكبيلها وإلجامها فوها من خلال قراراتهم تلك - و أنا أعترف هنا بعدم تطلعي لتلك القرارات بغية تجنب الاشمئزاز - أن قناة الجزيرة لم تغدو ملك حد بعينه أو فئة من الناس لأنها أصبحت ملك كل الملايين و كل المظلومين حول العالم رغم أنوف الحاسدين و الحاقدين عليها ,, قناة الجزيرة و بالرغم من حيادها و تمسكها بالموضوعية و المصداقية و المهنية أصبحت أملنا الوحيد في تضميد جرحنا النازف في غزة و عزاؤنا أيضا في المصيبة التي حلت علينا من اسمها جامعة الدول العربية .. لنكن بعيدين عن المبالغة التي قد يفهمها أو يظنها البعض كذالك و لنكن قريبين من الواقع و لنأخذ مثلا قصة الطفل لؤي صبح - ضحية جديدة في مسلسل مجازر الأطفال في غزة - و الذي فقد بصره و نقلت قصته الجزيرة للعالم أجمع , في المقابل ما الذي ستفعله جامعة الدول العربية من استخدام العدو الصهيوني للقنابل الفسفورية ( خامس أكسيد الفسفور ) المحرم دوليا لنرتقب و نرى جامعة الدول العربية كيف ستسيل مداد المحبرة فيما يستخدم العدو كل يوم سلاح جديد لتطوير المجزرة .. قناة الجزيرة نقلت للعالم أجمع أبشع جرائم العصر الحديث و سخرت كل بثها للتغطية ( الحرب على غزة ) من خلال شبكة من المراسلين الفدائيين و الذي لا يسع المرء إلا أن يتمنى أن يقبل الأرض تحت أقدامهم و أقدام كل الحمساويين و كل الشهداء و الأبطال في قطاع غزة , وهو يشعر بالزهو و الفخر و الاعتزاز لأنه يوجد في الأمة مثل هؤلاء الصناديد في أكناف بيت المقدس .. قناة الجزيرة سخرت كل شبكتها لنقل أحداث غزة بمختلف وسائلها المرئية و الإلكترونية و أشركت الجميع في التعبير عما يخلج في نفوسهم تجاه غزة العزيزة من خلال مدونة ( لغزة ندون ) .. نحن في ذلك لا ننكر على كافة وسائل الإعلام دورها المتميز - بغض النظر عن بعضها و هي تعرف نفسها جيدا - في نقل أحداث غزة لكن ما تقوم به هذه القناة حري بنا أن نفتخر فيها ليبقى الأمل في ولادة جامعة جديدة للدول العربية تحمل نهج الجزيرة في تألمها للأحداث و شجاعة أردوغان في انتقاد إسرائيل و إقدام شافيز في طرد سفيرها , قد نكون مبالغين إذا تمنينا أكثر من ذلك فشتان بين الجزيرة و جامعة الدولة العربية ليبقى الحلم هو حلم و الأمل هو معقود على فوهة بندقية ..