منذ سيطرتها على العاصمة اليمنيةصنعاء في الواحد والعشرين من سبتمبر 2014م، ثم إحكام قبضتها على المحافظات، مارس مسلحو جماعة الحوثي وقوات حليفهم المخلوع صالح جرائم وانتهاكات توصف بالمروعة والمخيفة والبشعة، في حق اليمنيين. انتهاكات وجرائم متنوعة، كثيراً ما توصف بجرائم حرب وضد الإنسانية، في تقارير المنظمات الحقوقية، وآخرها تقرير دولي كشف عن العديد من الجرائم والانتهاكات المتنوعة والمخيفة التي ارتكبت خلال العام 2016م المنصرم في حق اليمنيين من مختلف أطراف الصراع في البلد، وفي مقدمتهم جماعة الحوثي وقوات المخلوع صالح. ورصد تقرير "الأرض المنسية"، الصادر مؤخرا عن منظمة سام للحقوق والحريات في جنيف، عددا من الجرائم والانتهاكات البشعة. وجاءت على رأس تلك الجرائم والانتهاكات جرائم القتل، والإخفاء القسري، والقتل خارج القانون، والهجمات العشوائية ضد الأعيان المدنية، والاختطافات، والاحتجاز. وغيرها من الجرائم التي تعد جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية بموجب اتفاقية جنيف واتفاقية روما، والتي لا تسقط بالتقادم. وأكدت المنظمة الدولية أن هذه الجرائم تستوجب من المجتمع الدولي والمؤسسات الدولية والحقوقية التحرك باتجاه مساءلة مرتكبيها وتقديمهم للعقاب. توثيق القتل يوثق التقرير حالة حقوق الإنسان في اليمن من الفترة (يناير- ديسمبر ) 2016، والتي تضمنت العديد من الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان منها المتعلقة بالأشخاص، كالقتل خارج نطاق القانون، حيث بلغ عدد القتلى من المدنيين (2950) قتيلا بينهم (504) طفلا و(182) امرأة. وبحسب التقرير- حصلت "أخبار اليوم" على نسخة منه- لا يزال المئات من الجرحى مهددين بالموت جراء إصاباتهم الخطيرة وعدم توافر الرعاية الطبية اللازمة جراء استمرار الاشتباكات المسلحة. وحملت المنظمة مسئولية سقوط ضحايا مدنيين مليشيا الحوثي وصالح بالمرتبة الأولى، ثم طيران قوات التحالف، تليه التنظيمات الإرهابية وطيران الدرونز الأمريكي. تشويه وإخفاء قسري ووثقت المنظمة (6321) حالة إصابة وتشوه وإعاقة بينهم (1384) طفلا و(438) امرأة، وانحصر التوثيق على الضحايا المدنيين الذين تمكنت الفرق الميدانية التابعة للمنظمة من الوصول إليهم والتحقق من بياناتهم. وأشارت الأرقام فيما يخص الاعتقال التعسفي والاختفاء القسري إلى أن إجمالي المعتقلين تعسفيا والمختفين قسراً يزيد عن (5170) حالة أغلبهم في ظروف خطرة. وجاء الحوثيون من بين الجهات التي تقوم باعتقال المعارضين السياسيين والخصوم المدنيين في المناطق التي يسيطرون عليها، إلى جانب قوات تتبع الحكومة الشرعية في كلا من عدن وحضرموت. تعذيب وإعدام وألغام ويفرد التقرير المزود بالجداول والصور عنوانا لضحايا الموت تحت التعذيب أو بسببه، ويوثق لسبعة وأربعين مواطنا يمنيا قتلوا تحت التعذيب أو بسببه خلال الفترة التي رصدها التقرير. وسجلت منظمة "سام" خلال عام 2016 ما يقارب من (45) جريمة قتل خارج القانون، شملت 14 محافظة يمنية، حيث تصدرت جماعة الحوثي قائمة الأطراف التي تتحمل مسئولية جرائم القتل خارج نطاق القانون (إعدامات ميدانية)، إضافة إلى مجموعات متطرفة تنسب إلى تنظيم القاعدة وأخرى مجهولة. وكشفت المنظمة عن تسبب الألغام والمتفجرات ب(275) حالة قتل و(394) إصابة، من بين القتلى (9) نساء و(60) طفلاً، كما تسببت بإصابة العديد من المواطنين بإعاقات مختلفة، أغلبهم في محافظة تعز، تليها محافظاتمأرب ولحج والبيضاء. الحريات والحقوق وفيما يتعلق بالانتهاكات بحق الحريات الصحفية، فقد أكدت المنظمة أن الحريات الإعلامية تعاني استهدافا واضحا وممنهجا ضد كل صوت مخالف. وذكر التقرير أن الحريات الصحفية تعرضت ل(226) حالة انتهاك من قبل كافة الأطراف، إلا أن هناك توحش من قبل جماعة الحوثيين والرئيس السابق صالح الذين واصلوا حملة القمع والتنكيل بكل ما تبقى من هامش حرية أو صحافة، حيث لا يسمح بصدور الصحف سوى تلك التي تعمل كتوجيه معنوي للحوثيين. كما سجلت المنظمة (33) حالة انتهاك بحق المدافعين عن حقوق الإنسان من محامين وصحفيين، تنوعت ما بين الاختطاف والاعتقال لفترات طويلة والشروع بالقتل والضرب والشتم. مشيرة إلى وجود حالات اختطاف واعتداء على ناشطين من قبل قوات عسكرية وأمنية تتبع الحكومة الشرعية في كلا من عدن وحضرموت. انتهاكات الطفولة والمرأة وتناول التقرير الذي جاء في (52) صفحة الانتهاكات بحق الطفولة والتي شهدت انتهاكات مريعة لاتفاقية حقوق الطفل. تصدر انتهاك الحق في الحياة مقدمة الانتهاكات التي رصدتها المنظمة، والتهجير القسري هو الرقم الأعلى من بين بقية الانتهاكات التي يعانيها الأطفال. وفيما يتعلق بجانب الانتهاكات التي مورست ضد المرأة، ذكر التقرير أن إجمالي عدد القتلى من النساء بلغ خلال العام 2016 (182) امرأة، منها حالة اغتيال واحدة، فيما وصل عدد النساء اللاتي تعرضن للإصابة والتشوه (438) امرأة. التعليم والتهجير القسري وذكر التقرير الانتهاكات الخاصة بحقوق الإنسان المتعلقة بالتعليم أن هناك طلاب سجناء ومقاتلون، وأن الكثير من المدارس تحولت إلى ثكنات عسكرية، وأن مليشيا الحوثي تعيد كتابة المناهج الدراسية بما يتطابق مع رؤاها الفكرية ويخدم مشروعها العنصري. وتناول التقرير الشامل قضايا التهجير القسري الذي وصل إلى (9899) واقعة تهجير، أجبر فيها السكان قسرا على ترك أرضهم ومنازلهم ومناطق أعمالهم، وتناول الفصل الأخير انتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالاقتصاد والمعيشة. النهب والسطو كما خصص التقرير فصلا لانتهاكات حقوق الإنسان المتعلقة بالأعيان المدنية والممتلكات العامة والخاصة. وسجلت المنظمة خلال العام 2016 انتهاكات متعلقة بالتعدي على الممتلكات الخاصة والمنشآت العامة بالتفجير أو بالاستيلاء أو المصادرة. واتهمت المنظمة جميع أطراف الصراع باستخدام الكثير من المنشآت العامة- كالمدارس والصالات الرياضية ومؤسسات حكومية أخرى- لأغراض عسكرية، خاصة جماعة الحوثي وصالح. وقد تنوعت هذه الانتهاكات ما بين إغلاق المنشآت، أو اقتحامها، أو توقيف نشاطها والتمترس فيها، أو تخزين الأسلحة فيها وحجز حرية المختطفين داخلها. كما شملت حالات الانتهاك بالممتلكات الخاصة اقتحام المنازل، ونهبها، وتفجيرها، والقصف العشوائي للأحياء السكنية خاصة مدينة تعز. وإجمالا فقد رصد التقرير 375 اعتداء على ممتلكات عامة، شملت دور عبادة ومرافق تعليمية ومرافق صحية ومرافق خدمية ومعالم أثرية وطرق وجسور ومرافق أمنية ومقرات حكومية. أما المنازل والملكيات الخاصة فقد سجل التقرير 312 حالة اقتحام ونهب وتفتيش لمنازل وتضرر أكثر من 1579 منزل.