يشير المفكر اليساري أسعد أبو خليل في صحيفة الأخبار الإنكليزية إلى الحفاوة الغربية التي قوبلت بها مجلة إباحية عربية تصدر من لبنان باسم جسد، ويوضح أن إطلاق مجلة إباحية (بورنو) في الولاياتالمتحدة لا يواجه كحدث أدبي. ولا يفترض بالصحافة الغربية أن تعتبر نشر مجلة كهذه مؤشرا لتطور الحركة النسوية أوالابداع. لكن نشر مجلة جسد الإباحية تم التعامل معه كحدث أدبي وكتوجه لتحرر المرأة في العالم العربي. ومشكلة من يتولى تغطية الثقافة العربية في الإعلام الغربية أنهم لا يتقنون العربية. لنأخذ مثلا لي سميث الذي يعتبر نفسه خبيرا في الثقافة العربية بالرغم من اعترافه أنهلا يعرف اللغة العربية، فقد مضى في تأليف كتاب عن الثقافة العربية مستوحيا من كتاب العقل العربي للمؤلف رافايل باتاي. ومن يكتب عن الثقافة العربية والإعلام العربي هم أشخاص لا يقرؤون الكتب والمقالات العربية بل لا يمكنهم مشاهدة الأقنية التلفزيونية العربية، ويستعين بعض الصحفيين والأكاديميين الغربيين بمترجمين خلال أسفارهم في البلاد العربية (ولدى المترجمين المذكورين قصص مثيرة تجدر روايتها لمن يتساءل). ومثلا، مؤسسة مجلة جسد تعادي تحرر المرأة (ولا تفقه شيئا بماهية الحركة النسوية). لكن الإعلام الغربي يصر على معاملتها كأيقونة الحركة النسوية وتحرر المرأة العربية. فهي تتولى تحرير القسم الثقافي في صحيفة النهار، والذي يعرف عنه تردي المستوى وتفاهة الثقافة. قوبلت مجلة جسد بالتثاؤب في لبنان وخارجه، فالمواد الإباحية الدولية متوفرة في بيروت وتفتح الإنترنت أبوابا واسعة لأصحاب الفضول الإباحي. لكن المجلة تبيع جيدا في بعض دول الخليج. ولتسويق مجلتها (وفكرتها مسروقة وفقا للمجلة الأدبية الغاوون)، كانت مؤسسة المجلة تعرف جيدا كيف أي زر تضغط، فقد فبركت قصة زعمت فيها للصحافة الغربية مثل الغارديان أنها ضحية حملة للمتشددين الإسلاميين بمن فيهم حزب الله. بل ذهبت أبعد من ذلك حين زعمت أن حزب الله هاجم منصة تعرض مجلتها في معرض بيروت للكتب، لكن أحدا لم يسمع بأي حملة ضدها في لبنان ولم تنشر أي وسيلة إعلامية عربية أي خبر من هذا القبيل. مع ذلك لم يقاوم الإعلام الغربي هذا الإغراء، وسطرت المقالات لترويج مجلة لم يقرأها أحد منهم ولتحويل مؤسسة المجلة إلى بطلة قومية ورائدة نسوية تتحدى ممنوعات الإسلام. وفي زيارتي لمكتبة الساقي في لندن، طلبت معاينة أحدث عدد من المجلة، فقال لي مدير المكتبة إنه آخر عدد وأن المجلة ستتوقف بسبب قلة المبيعات. ولدى قراءة العدد بدا واضحا أن المجلة تحاول تقليد مجلة إباحية أخرى اسمها بلاي بوي بل كانت الرسوم الكارتونية فجة تفتقر للذوق، وبدى واضحا أن هدف المجلة هو الإغراء بصور عارية بأسلوب فج يحاكي الرقص الشرق في أفلام مصرية قديمة. وهكذا فقد فشلت المجلة، لكن لم تسقط بسبب التهريب الإسلامي أو التهديدات، فالحقيقة هي أن الإعلام العربي لم يجد فيها ما يستحق التعليق، سوى أنها مجلة قذرة أخرى، وجيب احتساب قصة هذه المجلة كفشل ذريع آخر للإعلام الغربي. أسعد أبو خليل : بروفيسور في العلوم السياسية يحاضر في جامعة كاليفورنيا، بيركلي