تحدّى معوقات اللون واجتاز عراقيل الشظف، صنع من شكيمته حرفاً فكان دليل الدهشة إلى الاعجاب. راكان سعيد، أو الأسمر الذي أدى امتحانات المرحلة الثانوية وسط بيئة مثبطة وواقع مأزوم. يتغلب على الجميع. يثبت أن لا فرق بين مهمش وغيره إلا بمقدار الحروف، تفوق على كافة الطلاب فكان الأول على مستوى مدرسته. حين إعلان النتائج، كان يفتش عمّن يرشده طريقة النتيجة، فوجد نفسه وقد حصد على معدل 92 القسم العلمي. من فئات «المهمشين» من محافظة تعز أتى هذا النبتة الملهمة، كوردة تفتحت وذًبُلَت أملاً وحلما، بالتعليم فقط يسقط التمييز بين الفئات، تتلاشى الألوان فتبهت بأشعة الحروف الوهّاجة. أبيض الروح، أريب العقل، ذكيًا تشي نظراته بتمعن المستقبل. يقول طاهر المقرمي –أول من كتب عنه الطالب المهمش- إن حصد راكان سعيد لهذا المعدل يعتبر خبر عادي بالنسبة للكثيرين، لكن فرادته تكمن في أن هذا الطالب قد قهر كل ظروفه المعيشية الصعبة التي يعيشها في غرفة متهالكة هو عائلته، وصنع من هذا المعاناة تميزا وتفوقاً». ما إن انتشرت القصة حتى انهالت التباريك عليه، وصياغة المشاركات في موقع التواصل الاجتماعي فيس بوك: قصة نجاح من بين ركام التمييز الاجتماعي.. إدانة لإنسانيتنا إن لم نسهم في بناء وطن يعيش فيه الجميع بكرامة، كتب المغلس عبدالله. أما عبدالله الحرازي فأكد أن حدث أركان من أروع الأخبار التي يمكن قرائتها، وأردف: هذا لم يقهر ظروفه فقط بل كسر قناعتنا جميعاً عن هذه الفئة. وأكثرهم من كان يتمنى أن يتغلب الجميع على الطابع التمييزي الرديء، خاصة من أصحاب النفوذ في الدولة، أو أي جهة تتبنى الاهتمام بأركان. وتحفزه على مواصلة دراسته. في السياق، قامت مجموعة هائل سعيد بمنح راكان منحة دراسية تتضمن مجالات متعددة منها اللغة الانجليزية والكمبيوتر والطب على حساب المجموعة. وكان ضمن الطلاب الذين كرمهم محافظ تعز شوقي هائل يوم الأربعاء، مع أوائل الثانوية العامة على مستوى الجمهورية المنتمين للمحافظة.