كان يوم دام بحق الوطن، قاسي ومؤلم على كل حر ثائر, يوم سوداوي ومختلف عن ما قبله وما بعده, يوم جمعة الكرامة يوم لا ولن ينساه كل يمني وعربي حر ومن في قلبه مثقال ذرة من الإنسانية في العالم أجمع، يوم استثنائي في تاريخ اليمن الحديث، يوم صعق فيه شباب الثورة من بشاعة القتل والإرهاب، وعلى العكس مما يخطط له صالح وعصابته فقد رد شباب الثورة الصاع صاعين وأكثر من ذلك بصمودهم الأسطوري والبطولي وبصدور عارية لا يأبهون لرصاصات صالح وعصاباته وظهرو كالجبل الأشم، عصيي الدمع والدم شيمتهم الفداء لهذا الوطن، من يد عائلة استمرت القتل والعبث والإفساد في هذا الوطن المعطاء والواعد بكل مقومات النهوض والرقي والتقدم، جمعة الكرامة كانت محطة هامة وبارزة في مسار الثورة الشبابية، كونها يوم الانتصار الحقيقي للمسار الثوري السلمي. ومن شاهد وتابع يجزم بالقول بأن صمود شباب الثورة العزل من كل شي سوى الإرادة قد سجلوا ما لم يسجله الآباء والأجداد في سجلات التاريخ، وأمام تلك المشاهد البطولية يعجز اللسان، ويخرس كل خطيب مفوه، وكل يراع يحمل أمانة الكلمة عن وصف تلك الملحمة التاريخية لشباب قهروا الجزار والجلاد بصيرهم ومرابطتهم في ساحات البطولة والفداء والنضال. في ذلك اليوم تجلت حقيقة صالح ونظامه أمام الملأ في الداخل والخارج وأثبت صالح وعصابته بأنهم يحملون في ثنايا صدورهم ألف روح من شخص نيرون وهتلر ومن كان على شاكلتهم، ولقد أدرك الجميع بأن جريمة كتلك لم تأت هباء أو مصادفة بل كانت في قمة التخطيط والتحضير ولكن الله لم يوفقهم (ويمكرون ويمكر الله والله خير الماكرين) فعادت الرصاصة الواحدة بألف ألف طلقة إلى صالح وعصابته، ومن يومها لا يمكن لصالح وعصابته أن يهدؤون أو تغمض أعينهم هانية، لأن الدم يطارد قاتله أينما حل أو ارتحل وبشر القاتل بالقتل ولو بعد حين. أمام صمود الثوار آنذاك ينحي الجميع إجلالا وإكبارا لما قدموه في سبيل الوطن، يومها كان الوطن كله بجراح مفتوح وألم بالغ ومشاعر محزنة لعلنا نستذكرها لكن كانت قمة الحزن والجراح التي خلصت الوطن من أسرة وعائلة أدمنت الظلم والظلمات، لقد صنع في ذلك اليوم فجر جديد وبزغت شمس غزلت خيوطها دم مهراق أطيب من ريح المسك، جمعة الكرامة كانت اليوم التي تجلت فيها سلمية الثورة والثوار وهي من أسقطت نظام صالح وإلى الأبد ولعل جميع فئات الشعب يدركون هذا الأمر تماما بما في ذلك مؤيدي صالح. ولقد مثلت جمعة الكرامة يوما فارقا في حياة اليمن فيكون ذلك اليوم كان يوما أسودا لكنه كان سواد ما قبل الفجر فبدماء شهداء الثورة في ذلك اليوم تبدد سواد صالح الذي خيم على اليمن لأكثر من ثلاث عقود وبعد ذلك اليوم المشئوم في اليمن تبقت عصابة صالح هي التي تدير البلد علها ترجع عقارب الزمن إلى الوراء وأنى لها ذلك وهيهات هيهات. عقب مجزرة السفاح في ذلك اليوم تداعى عقلاء وشرفاء وأحرار اليمن إلى نصرة شباب الثورة وتبقى صالح وعصابته لوحدهم يلاحقهم الخزي والعار والهوان في أوساط الشعب ولعل جميع تلك المواقف الشريفة لأحرار اليمن الذين تبرؤ من مجزرة صالح آنذاك. ظهر صالح في ذلك اليوم مع نفر من عصابته كمجرمي حرب سيماهم في وجوههم من أثر الإجرام والإرهاب، ظهر مبررا لنفسه ولعصابته ما جرى متهما جيران المعتصمين بالقتل قبل أن تتم علمية التحقيق وقبل ذلك ظل الاعلام الرسمي لأكثر من نصف شهر يروج لمشاكل مع جيران الساحة حتى يمرر ما سيقدم عليه ويلصق الجريمة بجيران الساحة بمسرحية هزلية انقلبت عليه وعلى عصابته ويأبى الله إلا أن يتم نوره فظهر الحق وزهق الباطل وأدرك القاصي والداني بأن صالح وعصابته هم من يقفون وراء تلك المجزرة البشعة, وكان المؤتمر الصحفي الذي عقد في ذلك اليوم من قبل صالح ووزير الداخلية آنذاك فيه من الدلائل والبراهين التي أقنعت العالم بتورط صالح في تلك المجزرة وما يبرهن تورطه في تلك الجريمة هو إقالة الحكومة النائب العام بعد ذلك وفرض قانون الطوارئ ومطالبته بقانون الحصانة الذي يجعله مدان ويثبت تورطه المباشر بقتل شباب الثورة في ذلك اليوم. ولقد شهد اليمن فيما بعد مجازر عدة وكرامات أخر كدلالة تثبت بأن مدمن القتل والإرهاب وراعيه هم صالح وعصابته وما أقدم عليه صالح من مجازر كانت محطة لإشفاء غليله ليس إلا لإيمانه بأن نظامه سقط وولى إلى مزبلة التاريخ ولم ولن يعود فذهب لمجازر بشعة تحت مسمى حمامة السلام وغصن الزيتون آنذاك (وجحدوا بها واستيقنتها أنفسهم) بأن لا سلام ولا غصن زيتون وإنما قتل ووحشية وتنكيل بحق شعب ثار على الظلم وخرج بالملايين. اليوم ونحن في مثل هذه الذكرى نترحم على شهداء ذلك اليوم وعلى كل شهداء الثورة من قبل ومن بعد نقول لهم إنا على دربكم ماضون لا ولن نفرط في أهداف ثورتكم حتى ولو قدمنا قوافل جديدة من الشهداء، ولابد لنا أن نعلنها في وجه هادي وباسندوة ثورة جديدة من رحم الثورة الأم ولدت، ثورة على الفاسدين والناهبين وأعداء التغيير وقبلهم ثورة على القتلة والبلاطجة. وفي مثل هذه الذكرى ينبغي على الرئيس وحكومة الوفاق الوطني الالتفات الجاد والرعاية الكريمة والتعويض العادل بما يجبر النفس لأسر الشهداء والجرحى الذين صاغوا بدمائهم الفجر الجديد والنور القادم لليمن الواعد وعلى الرئيس المخلوع أن يدرك بأن أي حصانة ليست من أولياء الدم فهي تحت أقدام الثوار ولا تعني شباب الثورة بشيء ومهما طال الوقت بك وبعصابتك يا صالح فإن يد العدالة بانتظارك ولن يضيع حق وراءه مطالب، وفي أرواحنا مثقال ذرة من روح ثائرة. * الأهالي نت