انتهى جنيف 2 دون أن يتمكن من تحقيق السلام، كان جنيف فرصة لدفن فكرة الحرب، لكن الحوثي فهم الامر بطريقة اخرى وأوعز الى مدير مكتبه لكي يقدم للعالم وجهة نظره في الكيفية التي ينبغي ان تنتهي بها الحرب: اجتثاث الخصوم. قال مهدي المشاط إن مدينة تعز ينبغي أن تباد عن بكرة أبيها، بينما كانت الاممالمتحدة ترعى مشاورات بين الأطراف اليمنية لإحلال السلام. الحوثية فكرة قائمة على اجتثاث الأخرين، من دماج الى عمران ثم صنعاء لم يقدم الحوثي أي نموذج للجماعة النبيلة، بعيدا عن اختزال همجية الحوثي في جزئية امتلاك السلاح، امتلك الحوثي صنعاء لأكثر من عام، غير أنه فشل في أن يتقمص دور الدولة، وظل محتفظا بكامل سمات العصابة. لم يعد هناك من يتحمس للحوثي الان، أوشكت الجماعة أن تنتهي الى عار يطارد كل الذين أيدوها، أو هتفوا بشعارها الذي انتصب كمقصلة في وجوه اليمنيين، دخل الحوثي صنعاء محمولا على أسنة الحرس المنحل واقلام طائفة واسعة من الكتبة المأجورين، لكنها الان مجرد ظاهرة مائعة ، يطاردها هاجس الفناء المرتقب، وتلفها وحشة الانكماش والضمور. في أخر تحديث للعمليات العسكرية كان الجيش الوطني والمقاومة يستعيدان أجزاء واسعة من مدينة حرض، تبدو الحرب أكبر من قدرات المليشيا على الصمود، وأوسع من أحلام قادتها في التسلط، لكن الحوثي غير مكترث للأمر، فهو مشغول بترتيب حفلة عظيمة لمدير مكتبه، الذي استطاع بجملة مختصرة ان يلخص كل أحلام سيده وينقلها الى العالم بطريقة باردة، متوحشة، وتفيض بالغرور والوقاحة. على الدوام أبدى اليمنيون تذمرهم من الطريقة التي تعاطى بها المجتمع الدولي مع انقلاب جماعة الحوثي، وحشرت الاممالمتحدة - في زحمة هواجس اليمنيين - ضمن القوى المتواطئة مع الحوثيين، لم يكن للأمر علاقة برغبة بعض الاطراف في تشويه الدور الاممي منطلقة من حسابات الأيديولوجيا، فقط أراد اليمنيون رؤية العدالة الدولية تتجسد في اليمن عبر التعاطي الحصيف مع الحوثي كجماعة عنف انقلابية؛ غير أن الحوثي في المقابل فشل أو ربما لم يجهد نفسه حتى في مجرد استثمار هذه الحالة وتقديم نفسه للعالم بطريقة لائقة، ففي أول جلسة في مواجهة الاممالمتحدة ذهب يطلق شتائمه في وجه المبعوث الاممي ، ثم ختمها بعرض رؤيته الحقيقية للطريقة التي يمكن بها ايقاف الحرب: ابادة الخصوم ! عليكم إذا أن تركلوا فكرة السلام عن طريق المفاوضات، الحوثي قدم خلاصة رؤيته للحرب والسلام على لسان مدير مكتبه مهدي المشاط، فاهتفوا الى أن تطأ بيادات الجيش الوطني والمقاومة منطقة السبعين في العاصمة صنعاء: المجد للبندقية !