كان أول اهتمامات رئيسنا عبدربه منصور هادي محاربة ما يسمى ب»القاعدة». وكان غرضه من ذلك تطمين أمريكا بأن محاربة القاعدة لم تكن من اختصاص المخلوع، بل إن ذلك سيستمر حتى بعد غيابه مع أن ما يسمى بالقاعدة لم يوجد في اليمن إلا كلعبة من ألاعيب المخلوع، فلو لم يكن قد قرر استغلال موضوع الإرهاب لما كان هناك إرهاب. لقد فتح الحاوي جرابه، فأخرج منه من جملة ما أخرج موضوع الإرهاب. ونرى أن رئيسنا قد اشترك مع سلفه في التفاهم مع أمريكا، في محاربة الإرهاب مع اختلاف الدوافع، فرئيسنا يريد الاستعانة بأمريكا في تنمية البلاد، أما سلفه فما كان يريد إلا تثبيت نفسه وأسرته، أي إلغاء النظام الجمهوري. وبهذا ظهر رئيسنا وكأنه يريد حل مشاكل أمريكا مع أن أمريكا لها رئيس معني بحل مشاكلها. كنا نريد البداية بأشياء يلمسها المواطن كموضوع الأسعار، وقد أصبح المواطنون يعيشون في حالة لا تطاق. كنا نريد النظر فيمن انضموا إلى الثورة من القوات المسلحة وما زالوا إلى اليوم بدون مرتبات، كنا نريد البحث عن المفقودين الذين ما زالوا في سجون المجرمين، ويعانون أنواع التعذيب، يا للهول: ما يقرب من سنة، وهم تحت التعذيب. كنا ننتظر إنقاذ المواطنين من ذيول العهد البائد من المشائخ وليس كل المشائخ سيئين. كنا ننتظر أشياء كثيرة، هذه نماذج منها، ولو أن الحكومة اهتمت بهذه الأمور فإن الإرهاب ما كان سيجد له في بلادنا، ولكن هذي المشاكل كانت مبررا للإرهاب الذين زعم صالح أنه يحاربهم، وكلما حاربهم ازدادوا قوة، ثم هدد عن اشتداد الثورة عليه بأن الإرهاب سيجتاح البلاد، وبأن اليمن ستنقسم إلى عدة يمنات. وكنا نقول: هل أمريكا بليدة إلى هذا الحد بحيث يخفى عليها عمل صالح وتلاعبه بموضوع الإرهاب، وأنه يوظفه لمصلحة نفسه وأسرته التي هي نسخة منه. وأنا وكثير من الناس لا يستبعدون أن أمريكا نفسها تتلاعب بموضوع الإرهاب، كما شأن ذنبها المخلوع. وإذا قلنا: أنه لا يوجد في اليمن قاعدة، وإنما ذنب أمريكا هو الذي اخترع هذه اللعبة، إذا قلنا ذلك لعل أمريكا يسوؤها هذا القول لأنها تريد أن تستغل موضوع الإرهاب لأغراضها الخاصة. إن موضوع الإرهاب موضوع طويل، وكثير الذبول، فحادثة 11 سبتمبر التي كانت أساسا لهذا الموضوع، هذه الحادثة التي جعلت منها أمريكا ذريعة لتدمير بلاد المسلمين، في أفغانستان وفي العراق وفي غيرها، إنها ليست كما صورها الأمريكان كما صورها الرئيس بوش بالذات، إنها من قتل القاعدة كما زعموا، إنها من تدبير اليهود الأشد عداوة للمسلمين، وقد كتبت في هذا عدة كتب وحررت آلاف المقالات، تكشف حقيقة هذه المؤامرة، وأن الموضوع كله في حقيقته ليس إلا من تواطؤ بين اليهود وأمريكا، بل إن أمريكا نفسها أيضا كانت ضحية لمؤامرات اليهود، وقد ذكر نتينياهو في كتاب له: أن أمريكا تفكر بغير ما تفكر فيه الصهيونية في موضوع العالم الإسلامي. ابتز المخلوع أمريكا تظاهرا بخدمتها في محاربة الإرهاب أو القاعدة ولم يحاربها بل نماها ورعاها. وعندما توجه الوضع الجديد بعد ثورة الشباب السلمية لمحاربة الإرهاب أو القاعدة قضى عليها بسرعة فهل فهمت أمريكا من الذي يمكن أن يساعدها في محاربة الإرهاب وهو في الحقيقة إنما يساعد نفسه قبل أن يساعد أمريكا لأننا متضررون من الإرهاب أكثر من أمريكا. من الذي قضى على القاعدة؟ هل هو المخلوع الذي دربت أمريكا جيشه أو جيوشه التي أنشأها لحماية نفسه وأسرته، دربته لمحاربة الإرهاب ولم يعمل شيئا، وهو الذي وعد أمريكا بمحاربة الإرهاب في مقابل أن تؤبده وأسرته في البقاء على كرسي الحكم، وإلغاء النظام الجمهوري. ودربت جيش الأسرة وزودته بأحدث وأفتك الأسلحة، هكذا في اتفاق جرى من وراء الشعب اليمني يقضي بمحاربة ما يسمى بالقاعدة وضمان بقاء الأسرة حاكمة للأبد وللولد وولد الولد. لقد أصبحت أمريكا هي الحاكمة للبلد، فأما في عهد المخلوع فكان ذلك ثمنا لتأبيده على خيانة الشعب اليمني الذي ائتمنه فخانه، وأما في عهد ما بعد المخلوع فأمريكا تستغل ضعفنا وارتباكنا. فنرجو من رئيسنا أن يهتم بحل مشاكلنا وأن يترك مشاكل أمريكا التي هي لغز غير مفهوم كما ذكرنا، وإذا ضمن رئيسنا رضى شعبه فإن ذلك ينفعه وينفع شعبنا. وليترك رئيسنا أسلوب سلفه في استدرار عطف أمريكا، ولا بأس من الاستعانة بأمريكا ولكن بوضوح، وبدون ابتزاز وليكن من باب تبادل المصالح وأمريكا لن تنفعنا لوجه الله. على أنني بهذا لا أقلل من خطر من يسمون أنفسهم «أنصار الشريعة» نحن أول المتضررين من أفعالهم، ولكن كنت أتمنى أن لا يكون ذلك أول وآخر اهتمامات الرئيس، وإذا ركز اهتمامه على ما ذكرنا فإن مبرر بقاء هؤلاء المجرمين سيتناقض تدريجيا، ولأن ما ذكرنا لا يجوز أن يهمل ويقدم عليه غيره، فكيف نهنأ العيش وهناك من ما زالوا تحت التعذيب إلى يومنا هذا، تحت رحمة المجرمين الذين نزع الله من قلوبهم الرحمة؟ كذلك الذين أيدوا الثورة، فكان جزاؤهم منا أن يظلوا بدون مرتبات إلى اليوم، كذلك الأسعار، الناس ينتظرون خطوة في هذا الشأن ليلمسوا التغيير. ولا ننسى كذلك النازحين الذين شردوا وأخرجوا من بيوتهم يبحثون عن مأوى يلجئون إليه كنازحي أبين وصعدة وأرحب ونهم وبني جرموز، هؤلاء يجب المبادرة إلى النظر في حالهم وحل مشاكلهم لئلا تطول أكثر مما مضى، فإن العيش بغير مأوى شيء صعب وقاس ومؤلم. لقد قال ابن عمر يتوعد: إذا ثبت أن الأسلحة التي نهبت قد تسربت إلى القاعدة فسيكون لمجلس الأمن دور. القاعدة لم تحصل على أسلحة ثقيلة في أفغانستان ولا في العراق ولا في أي مكان في العالم، لم تحصل على دبابات إلا في اليمن، لقد قام المخلوع بتسليمها أنواع الأسلحة، ولم يحصل هؤلاء الإرهابيون على دبابات في كل السنوات الماضية، ولكن إذا كشف جمال بن عمر الحقيقة، فلعل أمريكا ستحول بينه وبين ذلك!!