محاولة تغير الطبع السلبي المتجذر في النفس والبيئة المدعومة بمصالح شخصية دون زلزال تاريخي يقتلع العادة المتجذرة هو طلب المستحيل دون أدواته المناسبة؛ لأن لتغير المستحيل أدواته الخاصة التي تصهر القسوة وتذيب مقاومة المستحيلات. الثورات الشعبية هي أهم الأدوات السريعة لمواجهة المستحيلات السياسة وتغير الظواهر الاجتماعية مثل: الاستبداد والفوضى وقانون الغلبة على حساب المساواة والعدالة وسيادة القانون. ولهذا من السخف بمكان استبدال أدوات الثورة كوسيلة لتغير المستحيل بأدوات أخرى تتسم بالهشاشة والرخاوة، ومن العبث أن نأمن القطط على الفئران، وننتظر من أرباب الفوضى حماية القانون. بالأمس أصدر مجلس النواب بياناً أو فضيحة دستورية، لكن الحديث عن الفضائح الدستورية ومخالفة القانون أشبه بالنكتة في بلد يعتبر مخالفة القانون بطولة وطنية ومفخرة. لا يوجد مجلس شعب في العالم حتى تجمعات البدو الرحّل والغجر يصدر بياناً في أيام الإجازة ودون علم النواب (فضيحة وبهررة كمان)!. كتل برلمانية أساسية قالت أمس: إن البيان الذي وُزع باسمهم لا يمثل المجلس، ويكفي أن المجلس في إجازة!..هذا الاستهتار والتجاهل هو الذي خرّب البلد وأوصلنا إلى أن نشحت على أبواب الناس، وهو الذي باع الغاز ولهف الثروة وباع الميناء الحر، وحرمنا من المشاريع الاقتصادية العملاقة، وأصبحنا الدولة الثانية في العالم بسوء التغذية؛ لأن الاقتصاد لا ينتعش إلا في حضور القانون، وبين هؤلاء والقانون خصومة؛ لأنه سيحرمهم من (العيفطة) و(النخيط) والفيد العام وسيحرر المواطن!!. إنها عملية تزوير أو انتحال شخصية المجلس، الناس ينتحلوا شخصية أفراد ويتعرضوا لأشد العقوبات، عندنا بسم الله ما شاء الله ننتحل برلماناً لحاله ولا نبالي.. أقل شيء يعيد الاعتبار للمجلس وللشعب هو توقيف المخالفين، ومنعهم من الترشح للدورات القادمة. لقد كان البيان استمراراً للانتصار لداعي القبيلة والتمايز والاستعلاء كحق يدافع عليه البعض، وهو من الظواهر الاجتماعية التي لا تنتهي إلا باستمرار زلزال الثورة، وتغير أدوات القوة إلى أدوات مدنية بعيدة عن قوانين الغلبة و(السجود للرضع والغلمان) من قوم تبع وبني تغلب. وأمام أعضاء مجلس النواب في هذه القضية المتدحرجة واجب لا يسقط بالبيانات وإنما في النضال المستمر للانتصار للقوانين، وهذا النوع من التصرفات يقدم فرصة للراغبين بقيادة التحول التاريخي وتحرير البلاد من هيمنة الفوضى والظلم وأعداء العدالة وخصوم القانون.