(من الأرشيف بمناسبة فرض ضريبة على الأجانب المقيمين في السعودية مؤخراً ) صامدون صامدون ! ارحل ارحل ارحل! كانت قناة سهيل في تغطية مستمرة لما يجري ويدور في باحة الساحات! وكنت في ذلك اليوم أمام التلفاز أتابع بحماس! أما روحي وعقلي حقيقة فقد كانت هناك تجوب مع المتظاهرين تحت لهيب الشمس! صامدون صامدون ارحل ارحل ارحل زوجتي بجواري تهتف بما يهتف به المتظاهرون في مسيرة طويلة وقد كانت أشد مني توترا وغضبا : الشعب .. يريد .. محاكمة الرئيس ! الشعب .. يريد محا... فيقاطعها ولدي من هناك وهو يدور بدراجته في الصالة : ارحل ارحل ! وكادت أن تستبد بي الفروسية ! ها أنا أشير بيدي وأضرب برأسي وأرفس برجلي كنت في حالة من الذهول كأنني مجذوب . وكنت منصهرا في عزف أيوب وهو يقول : أرضنا أرض تحدٍ .. وأزحف إلى الأمام قليلا قليلا ! وأنا أصيح : أرضنا أرض تحدٍ.. كلُ شرٍ تحدَ الخير فيها انصرعا ! حتى سمعت أصواتا متداخلة في بعضها أن : تنحَ عن التلفاز . ابتعد عن التلفاز ! أوه لقد كان وجهي ملتصقا بالشاشة كلصقة الأمير! - ياحماده قل لأبوك الشعب اليمني مايبغوك ! - ارحل ارحل ! لقد تحول بيتي إلى خيمة ثورية ! تنبض بالحيوية والحركة والنشاط. - بابا جوالك يرن ! - جوالي يرن يرن ؟! هات ياحبيبي جوالك يرن يرم ! - ألو مرحبا ! - أهلا أهلا ! كيف حالك ؟ - الحمدلل - مقاطعا : لقد قدمنا فيك بلاغ هروب ! - أمان ربي أمان ! ماذا ؟! طبعا كان ذلك الاتصال الغبي من سكرتير كفيلي . لقد كانت لهجته جادة ! - خير ياجماعة ؟! - خير ؟ ها ! جوالك مايرد ! - أنا جوالي مايرد ؟! - مقاطعا : ليس لك رقم جوال ثابت ! أطلع أطلع! - : كدتُ أن أنقلب إلى كتلة بارود منفجر ! لكني تماسكت قائلا متصنعا ابتسامة كابتسامة من ضربه إسهال ! سيدي إذن كيف اتصلت بي؟! كانت الصالة على سعتها قد بدأت تضيق . ماذا يريد منا هؤلاء الناس ؟! تحولت الأنغام التي كنت أتنفس بها إلى أصوات مبهمة وأصوات نشاز ! أين أنا بالضبط ؟! ماذا حدث لطبلة أذني ؟! وضعت زوجتي يدها على جبهتي المشتعلة قائلة ً : لا لم يطفأ أحد النور! - ارحل ارحل - أصه ياولد ( أقول غاضباً ) - ارحل ارحل - هس ! سكوت سكوت يابن ال.... - مابك ؟ إنه يقول ارحل. - يعني ما طابت له هذه الكلمة الملعونة إلا الآن ! واستقرت في ذهني غرف الترحيل حتى لقد كدت ألمس جدرانها ! . قلت بصوت حانق : الجماعة قدموا فيَ بلاغ هروب ! وبلاغ الهروب يعني ترحيل ! يا الله ! أي ساعة هذه ؟! وإذا بي أنسحل عن الكرسي إلى تحت الطاولة ! وأخذت أضرب في أرقام جوالي متمتما مصعدا في كشف الأسماء : السباك .. راعي الفول .. الورشة .. إبليس .. أووووه !أتصل بمن ياعالم ؟ لا لا . الأفضل أن تكتب خطابا حناني طناني إلى الكفيل ! ها ! ها ! حناني طناني ! وماحناني وما طناني؟ ! معقول في ملاك من ملائكة الله يقول : حناني طناني؟! - ارحل ارحل ! صاح ولدي بجواري ! - أخرج من تحت الطاولة يابن ال... ليس من شيء يعيب ! إن كانت مشيئة الله في أن أكتب لكفيلي خطابا توضيحيا فلتكن مشيئة الله إذن! سلام الله عليك سيدي الكريم لقد عدتُ من سفرتي إلى قطر قبل اثني عشر يوما تقريبا . مكثت هناك عشرة أيام . لا أخفيك لقد كانت رحلة موفقة ولقد حصلتُ على عدة فرص بفضل الله! لكني منذ أن عدت ُ وأنا في نوبة من السعال عافاك الله لا تنقطع ! كانت الفرصة الأولى في جامع الشيخة العنود بنت ناصر آل ثاني كإمام وخطيب . طبعا جامع الشيخة جامع جديد يأخذ إلى أن يجهز شهرا كاملا . الفرصة الثانية في مركز تحفيظ تديره الدكتورة نورة حفظها الله. حرصتُ سيدي الكريم أن تكون على اطلاع كامل بمجريات الأمور المتعلقة بي . لأني على يقين تام بأنك ممن يهتم لأمري ويرجو لي الخير. إنني وأنا أكتب إليك أشعر بالخجل. فأنت صاحب فضلٍ علي كبير . أسأل الله أن يتم عليك نعمته وأن يبارك لك في أهلك وذويك إنه ولي ذلك والقادر عليه . المحب لك دوما / طارق السكري ثم خزنتها في الجهاز إلى أن يحين وقت الطباعة ! ومتى سيحين وقت الطباعة ؟! ربما سيحين أجلي قبل الطباعة هذه !! قالوا: أن فيزة الزائر لا تمنح مرتين إلا بعد مرور ثلاثة أشهر من تاريخ الحصول على التأشيرة الأولى ! قالت الدكتورة : وماذا نفعل لرئيسكم الذي قام بطرد سفيرنا ؟! على كل حال هناك بعض الفنادق في قطر تقوم بمنح فيز سياحية حاول الحصول على واحدة منها ! فيزة سياحية ياهل الله ؟! من يمن على هذا المسكين بفيزة سياحية ! فيزة سياحية يدفع الله بها عنكم يوم القيامة لهيب النار ! داوو مرضاكم ياناس بفيزة سياحية! أنا من الأشياء التي تعلمتها في صغري أن النجوم لا تضيء سماء الدنيا إلا في الليل ! غريب ! أظنني في الواحدة ظهرا ؟ ما الذي يجري ؟ لقد تحولت إلى عاصفة ! تحركت على الفور من مدينة الدمام إلى مدينة الجبيل في نصف ساعة! - ألو السلام عليكم . - وعليكم . - أين أنت ؟ هاأنا قد وصلت ! - أوه ! أنا في الدمام ! لقد كنت أمزح معك! أخنق نفسي ياناس ؟ لقد كان يمزح معي ؟!! يمزح معي ؟!! أطفأت محرك السيارة . أخذت كتابي معي ومجلسي إلى الشاطئ أها ! هنا مكان مناسب . أجل أجل ! أخذت أنظر عن يمني ! لا لا يوجد أحد ! طيب عن يساري أوه ! أيضا لا يوجد أحد ! : إرحل إرحل إرحل إرحل !!! نفستُ عن حنقي بزئيرٍ ملؤهُ نقمُ !!! إرحل إرحل إرحل. ظلال الأصيل تمتدُ مذهبةً على الآفاق تتلو سورة الوجد : أقبل الليل وناداني حنيني , وسرت ذكراك طيفا هام في بحر ظنوني ! ياهدى الحيران في ليل الضنى أين أنت الآن ؟! بل أين أنا ؟! النجوم التي كانت تدور حائرة فوق رأسي هاهي تقفز أمام عيني إلى لجة البحر ! بعيدا بعيدا هناك حيث تنام الشمس في الأعماق الدافئة ! كان الكتاب الذي في يدي ! يالسخرية القدر !! كان الكتاب الذي في يدي للكاتب التركي المرحوم عزيز ينسن . كان بعنوان : مزحة حمار! *يمني مقيم في السعودية