تواصلت في عددٍ من المدن الإسلامية والعربية أمس الجُمعة المُظاهرات المُنددة بصحيفة شارلي إيبدو الفرنسية الساخرة لنشرها صورًا مسيئة لنبي الإسلام محمد عليه الصلاة والسلام، ففي الجزائر خرج آلاف الجزائريين بعد صلاة الجمعة أمس في تظاهرة لنصرة الرسول محمد واحتجاجًا على الرسوم المسيئة التي نشرتها المجلة الفرنسية الساخرة"شارلي إيبدو". وحاول أفراد الشرطة الذين انتشروا بكثافة في شوارع العاصمة منذ صباح أمس، منع المتظاهرين من التقدم نحو ساحة الشهداء، لكنّ المحتجين تمكنوا من الزحف نحو بعض الشوارع الفرعية المؤدية إليها قبل أن يعود أغلبهم إلى ساحة "أول مايو" التي انطلقوا منها. وردّد المتظاهرون عدّة شعارات، أهمها" أنا اتبع محمد"، و" لا اله إلا الله"، و" كواشي شهداء". وخرج نحو ألفي أردني إلى شوارع العاصمة عمان أمس احتجاجًا على نشر الصحيفة على الغلاف رسمًا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وبعد صلاة الجمعة خرج أعضاء في جماعة الإخوان المسلمين وحركات شبابية إلى وسط عمان لإدانة الرسوم ورددوا هتافات احتجاج على العدد الجديد من الصحيفة الفرنسية. وحاول المتظاهرون الوصول إلى السفارة الفرنسية لكن رجال الأمن منعوهم واشتبكوا مع المتظاهرين. وطالب همام سعيد المراقب العام لجماعة الإخوان المسلمين في الأردن الحكومة الفرنسية بإصدار قانون يمنع تصوير النبي محمد بهذا الشكل. وقال "المطلوب من الحكومة الفرنسية أن تسارع إلى سنّ قانون يمنع مثل هذه الإساءات. وإذا لم تقم الحكومة الفرنسية بهذا الإجراء فهي ضالعة في هذه الإساءات ولا بد أن تقف الشعوب المسلمة جميعها أمام جميع هؤلاء الذين يسيئون للرسول صلى الله عليه وسلم في الغرب." وقال المتظاهرون إنهم سيواصلون أنشطتهم واحتجاجاتهم تأييدًا للرسول حتى تعتذر السفارة الفرنسية عن رسوم صحيفة شارلي إيبدو. وفي الخرطوم منعت الشرطة السودانية، أمس مئات المتظاهرين، من الوصول إلى مقرّ السفارة الفرنسية، في الخرطوم؛ لتقديم مذكرة للسفير الفرنسي، احتجاجًا على إعادة نشر الصحيفة الفرنسية الساخرة (شارلي إيبدو) رسومات مسيئة للرسول صلى الله عليه وسلم. وطوقت قوات الشرطة السودانية، مقرّ السفارة الفرنسية في الخرطوم، تحسبًا لأي أعمال شغب، قد تقوم بها جماعات متشددة. وتظاهر المئات في العاصمة الخرطوم، عقب أداء صلاة الجمعة، وحمل المتظاهرون لافتات وشعارات، تعبر عن رفضهم للإساءة إلى الرسول. وطالب المتظاهرون الحكومة بطرد السفير الفرنسي، من السودان، وذكروا أن فرنسا من الدول المعادية للإسلام والمسلمين. وفي كراتشي أُصيب شخص بالرصاص وجُرح آخر في اشتباكات أمس الجمعة بين أفراد من الشرطة ومحتجين منددين بشارلي إيبدو الفرنسية خارج مبنى القنصلية الفرنسية بالمدينة الواقعة جنوبي باكستان. وأطلقت الشرطة خراطيم المياه والغاز المدمع في الهواء أثناء اشتباكها مع المتظاهرين من الجناح الطلابي لحزب الجماعة الإسلامية، الذي ينظّم مظاهرات في جميع أرجاء البلاد احتجاجًا على نشر صور مسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم. وجاءت الاحتجاجات بعد يوم واحد من إدانة البرلمان الباكستاني الرسوم الكاريكاتيرية التي نشرتها الصحيفة الفرنسية، التي تعرّض مكتبها في باريس الأسبوع الماضي لهجوم مسلح قتل فيه 12 شخصًا. وقال وزير الداخلية الباكستاني نيسار علي خان إن الحكومة نشرت قوات من الشرطة والجيش لحماية سلاسل المطاعم والمحال التجارية الغربية والمنشآت الحكومية في جميع المدن الرئيسة. وذكر قائد الشرطة في إسلام آباد طاهر علام خان أن قوات من سلاح حرس الحدود شبه العسكرية ستتولى حراسة السفارة الفرنسية التي تقع داخل منطقة دبلوماسية تحيط بها الأسوار في إسلام آباد. وخرج الآلاف من أنصار الأحزاب الإسلامية إلى الشوارع في عموم باكستان بعد صلاة الجمعة، أمس، من بينهم أتباع جماعة الدعوة الجناح الخيري لحركة لشكر طيبة التي دبّرت هجمات مومباي عام 2008. ونددت هيئة كبار العلماء السعودية بالاستمرار (من جانب مجلة "شارلي إيبدو" الفرنسية) في نشر الرسوم المتطاولة على النبي محمد، مؤكدة أن هذه الرسوم" لا تمتّ إلى حرية الإبداع والتفكير بصلة". وقال الأمين العام لهيئة كبار العلماء الدكتور فهد بن سعد الماجد في بيان له أمس : "إن جرح مشاعر المسلمين بهذه الرسومات لا يخدم قضية ولا يحقق هدفًا صائبًا"، مؤكدًا أن النشر "في المحصلة النهائية خدمة للمتطرفين الذين يبحثون عن مسوغات للقتل والإرهاب". وأضاف البيان "إن واجب العالم أن يصنع الاحترام المتبادل والتعايش البناء، ولن يكون ذلك بإهانة المقدسات والرموز الدينية". واستدل البيان بآية قرآنية "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوًا بغير علم". واستمرارًا لنهجها الساخر من المقدسات الإسلامية، وفي تحدٍ لواقعة الهجوم على مقرها قامت مجلة شارلى إبدو الفرنسية بنشر كاريكاتير لنبي محمد يصوره باكيا على ضحايا الهجوم. ونددت وزارة الخارجية البحرينية بالخطوة المشينة التي قامت بها صحيفة (شارلي إيبدو) الفرنسية بنشر وإعادة نشر الرسوم المسيئة والمتطاولة على خاتم الأنبياء والمرسلين محمد صلى الله عليه وسلم. واستنكرت وزارة الخارجية، في بيان بثّته وكالة الأنباء البحرينية، بشدة هذا السلوك البالغ الذي لا علاقة له بحرية الرأي والتعبير، وإنما يمثل استفزازًا لأكثر من مليار ونصف مليار مسلم، وتهكمًا منبوذًا على معتقداتهم ورموزهم الدينية. وأكّدت أن استمرار الصحيفة الفرنسية وبعض الصحف الأوروبية في الإساءة للدين الإسلامي الحنيف، من شأنه خلق التربة الخصبة لانتشار الكراهية وتنامي الإرهاب، والدخول في مسلسل خطير من التطرف والعنف الذي لا يفرق بين الأديان ولا يعترف بالحدود. وطالبت وزارة الخارجية جميع وسائل الإعلام التحلي بالموضوعية والالتزام بالمسؤولية والتمسك بالقيم واحترام كافة الأديان والشرائع السماوية.