ان المرء يدرك أيّ انحدار بلغته الجزيرة عندما تخصص قنوات النظام السوري حصصاً يومية لفضح الإعلام الرديء و عمليات الفبركة التي تقوم بها الجزيرة. يبدو أن أشخاصاً من داخل القناة قاموا بتسريب تسجيلات فيديو خام و تقارير تسبق البث لشخص في تلفزيون النظام السوري. لا أستغرب هذا التسريب أبداً، فأنا على اتصال بأشخاص من داخل الجزيرة يشعرون بالاشمئزاز من العمل الدعائي الذي تقوم به الشبكة في الأشهر القليلة الماضية. الشبكة كانت سيّئة إلى درجة أن قانون تقليص المردود ينطبق في هذه الحالة : لقد ذهبت بعملها الدعائي بعيداً إلى حدّ أنّي لم أعد أرى أية فاعلية لما تقوم به. أعني عندما يعلنون جمعة بعد أخرى أن المظاهرات « وصلت أخيراً إلى حلب و دمشق » و يعيدون نفس الكلام الجمعة الموالية، فإنّ المرء يعلم ما يقف إزاءه. كانت هناك الكثير من الأكاذيب دون أية محاولة لمجرّد التظاهر بالمهنية بعد الآن عندما يتحدث المدير السابق للشبكة عن تغيير النظام في سوريا بينما لا يجرؤ على النطق بكلمة واحدة عن تفكيك كيان الأبارتهايد الصهيوني، نفهم أن المهمة تأتي رأساً من الأمير نفسه. أعلم كيف تسير هذه الأمور و هم يعلمون أنني أعلم. اللقطات التي يتم بثها تظهر ترتيباً مسرحيا للأحداث : الإشارة إلى مدني على أنه ضابط في الجيش السوري، تزوير الإصابات و تلقين الناس التصريحات قبل البث. يبدو أن الجزيرة بصدد كتابة نعي مهنيّتها، و لا أدري كيف يمكن أن تبعث نفسها من جديد بعد أن أصيبت في مقتل. أعلم أن هناك أشخاصاً في الشبكة يؤلمهم ما يحصل، لكن الأوامر الملكية هي الأوامر الملكية في الشبكة ولا أحد يجرؤ على العصيان. يقال لي أن الأوامر صارمة إلى حدّ عدم التسامح مع أنصاف المواقف و أن التبني التام و المطلق للسياسة الخارجية القطرية شرط أساسي للعمل