وصلتها وكلي شوق أن أراها في حلة أخرى أجمل من تلك التي ذهبت وهي تلبسها فوجدت العكس لم يبق شئ في البيضاء إلا وغيرته السياسة للإسوء إلا عظمة أبناء البيضاء وابتساماتهم البريئة ونخوتهم وصبرهم على المعاناة. لعلهم جبلوا على ذلك ليس ضعفا أوخوفا بل كرما منهم لوطنهم المثقل بالحروب والويلات. وصلت البيضاء فوجدتها مدينة أشباح تتزين بالحديد والكتل الإسمنتية غارقة في ظلام حالك ومحاصرة بمياه الصرف الصحي ومقالب القمامة التي أزكمت الأنوف روائحها وحرائقها وقبل ذلك عبرت طريق الموت المؤدي إليها وهو الممتد من قرية الحيكل بمديرية ذي ناعم إلى عزه إحدى ضواحي البيضاء ومن سخرية القدر شاهدت حادث مروري أثناء عبوري هذا الطريق متجها إلى البيضاء ثم شاهدت حادث آخر أثناء خروجي منها ولطريق الموت قصة تتمثل في أن إحدى شركات الطرق المملوكة لشخصية مرموقة البيضاء قد جددت هذا الطريق ويقال بأن تلاعب في المواد جعل الطريق المذكور يفقد تماسكه عند اشتداد درجة الحرارة مما يؤدي إلى انزلاق إطارات السيارات والنتيجة حوادث مأساوية راح ضحيتها الكثير من الأبرياء و تفوح في الكواليس رائحة الفساد لأن المحافظ السابق يحي العمري رفض إستلام هذا الطريق وطالب الشركة المنفذه أن تحترم المواصفات التي وقعتها وبعد رحيل العمري تم إستلام طريق الموت من قبل السلطة المحلية المنتخبة في المحافظة وهي التي عقدت عليها جماهير البيضاء آمالها وطموحاتها وكان لها عكس ذلك. وفي البيضاء الموشحة بالسواد إنتقل الظلام ليعم معظم مديرياتها وبالأخص تلك المعتمدة في إضاءتها على محطة البيضاء المركزية للكهرباء ففي مديرية مثل الزاهر أو بعض ضواحي البيضاء يظفر الناس أحيانا بساعة إضاءه غير مفيده في الغالب تكون بعد صلاة الفجر وتستغل عند العارفين لشحن هواتفهم النقالة. وما أخفاه ظلام البيضاء كشف عورته نهارها فالمحافظة لم تشهد أي تنمية حقيقية في أي جانب حياتي يلمسه المواطنين فعلى سبيل الذكر لا الحصر الوضع الصحي العام لايبشر بخير والمستشفيات الخاصة تحولت إلى مفارز للموت وأماكن للإبتزاز والإستغلال والطواقم الطبية التي تحمل جنسيات جمهوريات آسيا الوسطى والمشكوك في شهاداتها ومؤهلاتها لا تلقى ترحيبا إلا في البيضاء التي يتخطفها الموت من كل جانب ولا أنسى مستنقعا آخر تفوح منه رائحة الموت ويشمل مناطق مثل الرباط بمديرية ذي ناعم حيث فتك السرطان بالعشرات من أبناء تلك القرى ويقال أن هذه الظاهرة إستثائية وأكد لي العديد من أبناء الرباط هذه المأساة مستغربين عدم إهتمام أجهزة الدوله بها كما طالبوا بإنزال فريق طبي متخصص لدراسة هذه الظاهرة الغريبه والأغرب منها ماتعيشة رداع الشامخة المكلومة بفراق أبنائها نتيجة لمآسي مرجعها ظاهرة الثأر التي أكلت الأخضر واليابس تحت مرأى ومسمع جميع أجهزة الدولة. والانفلات الأمني ليس سمة رداع وحدها وإنما إنعاكسا للوضع الأمني المتدهور في المحافظة ككل ومدينة البيضاء شهدت في الآوانة الأخيرة صدامات مسلحة بين المواطنين راح ضحيتها العديد من الضحايا وسادت شريعة الغاب والبقاء للأقوى . وحتى نضع النقاط على الحروف فلابد لنا من تحميل جهة بعينها مسئولية كل ماسبق من ظواهر سلبية. أعتقد جازما أن السلطة المركزية في صنعاء تتحمل العبء الأكبر من المسئولية ومما لاشك فيه أن أختلاف قيادة السلطة المحلية في البيضاء وعلى رأسها المحافظ ونائبة قد زاد من أستفحال الفساد وعرقل من تنفيذ معظم مشاريع التنمية الشحيحة أصلا. منتهى كلامي أني غادرت البيضاء بكل آمالها وطموحاتها ومآسيها وأحزانها وأنا أسأل نفسي بأي ذنب قتلت? *كاتب راي مستقل [email protected]