يتفرع شيعة اليمن إلى عدد من الفرق منها الزيدية والجعفرية والاسماعيليةعلى أن الزيديين هم الشيعة الأكثر عددا. والفرقة الزيدية اليمنية هي فرقة إسلامية تبلورت في أوائل العصر العباسي في القرن الثاني الهجري وسميت بالزيدية نسبة إلى الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. والزيدية هي إحدى الفرق الإسلامية الشيعية، التي تختلف في مذهبها وفكرها، في العديد من النواحي عن الشيعة الجعفرية. يعتقد الزيديون بأن الإمامة تجوز في كل حر تقي عادل عالم من آل محمد من أولاد فاطمة "الحسن والحسين". وترى الزيدية جواز الأمامة في أولاد الحسن والحسين ولا تجد مندوبة لحصرها بأولاد الحسين، ولا يعرف الإمام عندهم سوى من شهر سيفه، وقاتل أعدائه ولا يميلون إلى التقية. كما تعتقد الزيدية أن المسلم إذا إرتكب كبيرة فإن ذلك لا يخرجه عن الإسلام، فهو مسلم وإن كان فاسقا بما فعل من الكبائر والآثام أيضا، ولكن يعاقب على ما أقدم عليه حتى ينتهي عن فعل المعاصي، وقصرت الزيدية العصمة على الرسول وحده. والائمة عند الزيدية غير معصومين وكذلك الصحابة، فالزيدية لا يلعنون الصحابة ولا يكفرونهم. وتعد الزيدية أقرب فرق الشيعة إلى السنة؛ إذ إنهم يخالفون الشيعة الإمامية في بعض عقائدهم، فهم يقرون خلافة أبي بكر وعمر بن الخطاب، ولا يطعنون فيهما، ويجيزون أن يكون الإمام في كل أولاد فاطمة، سواء كانوا من نسل الحسن أو الحسين، والإمامة لديهم ليست بالنص ولا وراثية، بل تقوم بالبيعة، وغيرها. يوجد معظم أتباع المذهب الزيدي حاليا في اليمن. وجنوب سلطنة عُمان وأقليات صغيرة في الحجاز "غرب السعودية حاليا". وفقا لبعض الإحصائيات يعتنق من 30-60 % من سكان شمال اليمن مذهب الإمام زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب. وقد دخلت الزيدية إلى اليمن في أواخر القرن الثالث الهجري، وحكم الأئمة الزيديون البلاد نحو 11 قرنا، حتى قيام الثورة اليمنية عام 1962. تاريخيا تمكنت الزيدية من إقامة دولة بطبرستان، ودولة الأخيضريين في اليمامة في العصر العباسي. وتمكن الزيديون من تأسيس دولة لهم في اليمن إلى ان اقصيت الزيدية عن الحكم في اليمن بحلول الجمهورية في سنة 1962. وينتمي اغلب الزيدية إلى قبائل همدان وخولان وبعض قبائل مذحج الشمالية. وهم يعيشون في الغالب، في مرتفعات اليمن وعلى ارتفاع ألف وستمائة إلى ألفين وثمانمئة متر فوق سطح البحر، وهو ماساعد على عزلهم ولذلك فإنهم حافظوا على تراثهم و"نقائهم" وملامحهم القديمة ولهجاتهم ولم يختلطوا مع اعراق أخرى ولهذا أيضا، فهم يعتبرون أنفسهم "الأنقى" عروبة على مستوى الجزيرة العربية كلها، وذلك وفقا لما تشير إليه بعض الدراسات. ويغلب على المجتمع اليمني التسامح الديني والمذهبي، حيث لم تمارس الدولة اليمنية، منذ إطاحة دولة الأئمة، أي تمييز ضد الشيعة الزيديين. ورغم أن الزيدية هي مذهب الأقلية في اليمن، إلا أن بعض أتباعها تولوا حقائب وزارية، مثل أحمد محمد الشامي، الذي تولى منصب وزير الأوقاف، وإسماعيل أحمد الوزير الذي عين وزيرا للعدل أكثر من مرة، والقاضي أحمد عقبات الذي تولى منصب وزير العدل. ولعلماء الزيدية، بشكل عام، حضور واسع في مؤسسات القضاء ودار الإفتاء. لم تكن الزيدية الأولى التي قادها الإمام زيد تحمل شيئا من التشيع بل وكان المؤلف قبل ذلك ذهب إلى أن "مذهب الإمام زيد، رضي الله عنه، علاقته بمذاهب أهل السنة الأربعة لا تختلف قيد أنملة عن علاقات المذاهب الأربعة فيما بينها من حيث أن جميع هذه المذاهب تحركت داخل مساحة واحدة، فاتفق الأئمة على الأصول والمنطلقات الثابتة، ومن ثم اختلفوا في الفروع". انحرف مذهب الزيدية نحو التشيع على يد أبي الجارود ، الذي أدخل نظرية الوصي إلى المذهب الزيدي بادىء ذي بدء ليتوالى التقارب مع مذهب الشيعة الإثني عشرية. ومما حافظ على انتشار هذا المذهب في اليمن واستمراره قيام دولة تحميه وترعاه، بل وقامت استنادا إليه، وهي دولة الأئمة الزيديين التي ظلت قرونا طويلة إلى أن أنهتها الثورة اليمنية التي قامت ضد حكم الأئمة سنة 1962. تعود نشأة دولة الأئمة الزيديين في اليمن إلى سنة 284ه. وهو العام الذي قدم فيه يحيى بن الحسين من الحجاز على مدينة صعدة، في فترة ضعف الدولة العباسية فأخذ يدعو إلى الإمامة، وتلقب بالهادي. وترتكز فكرة الإمامة في الفكر الزيدي الجارودي على استحقاق البيعة لمن يخرج من أبناء الحسنين "الحسن والحسين رضي الله عنهما" داعيا لنفسه عالما مجتهدا قويا وأضاف بعضهم: وخاليا من العيوب الجسدية والعاهات، وأن يخرج على الظلمة شاهرا سيفه ويدعو إلى الحق. وجوزوا خروج إمامين في قطرين يستجمعان هذه الخصال ويكون كل واحد منهما واجب الطاعة. الخصائص العامة للدولة الزيدية الجارودية التي نشأت في اليمن فهي، ليست ذات نزعة وطنية فلا تحافظ على وحدته تاريخيا وجغرافيا ولا تبالي بتشطيره ولا تسعى لاستعادة المبتور منه، كما أنها أوجدت بين اليمنيين التنافر والبغضاء ليظلوا حطبا لبقائها، وهي ليست ذات رؤية حضارية فقد عملت على إبقاء اليمن واليمنيين في الجهل والتخلف ، وليست ذات منحنى تنموي ولا بعد إنساني. ظل الزيديون يعيشون في انسجام مع المجتمع اليمني، المعروف بتسامحه الديني والفكري. إلا أن السنوات الأخيرة شهدت انتشار الأفكار الإمامية "الجعفرية" في المجتمع الزيدي، وعرف معتنقوها بالشباب المؤمن أو "الحوثيين"، الذين دخلوا في مواجهات مسلحة مع الحكومة. الحركة الحوثية: النشأة والمواجهة جاءت الحركة الحوثية متزامنة مع انتصار الثورة الإيرانية واشتداد عودها، ذلك أن ثورة الخميني التي قامت في إيران سنة 1979 أعطت للشيعة أينما كانوا دفعة قوية، بحيث أن أحد مشايخ الزيدية كان يدرس مادة عن الثورة الإيرانية ومبادئها في إطار "اتحاد الشباب" الذي أسسه سنة 1986. ومع تحقيق الوحدة اليمنية في مايو/ أيار 1990، وما رافقها من انفتاح سياسي والسماح بتأسيس الأحزاب السياسية تأسس عدد من الأحزاب الشيعية أبرزها: حزب الحق، واتحاد القوى الشعبية، وقد انضم آل الحوثي "بدر الدين وأولاده" إلى حزب الحق، لكنهم استقالوا من الحزب بعد أن عصفت به الخلافات، وكان آل الحوثي قبل تركهم لحزب الحق قد أسسوا "منتدى الشباب المؤمن" الذي تحول في خطوات لا تخلو من الدلالة إلى "تنظيم الشباب المؤمن"، وقد تفرغ حسين الحوثي لإدارة هذا التنظيم، مضحيا سنة 1997 بمقعده بمجلس النواب اليمني الذي كان قد فاز به في انتخابات سنة 1993. وشهدت التسعينيات انتشارا لأفكار المذهب الإمامي "الجعفري" بين زيدية اليمن في صعدة، حيث كان على رأس هؤلاء حسين بدر الدين الحوثي، الذي أسس ما يسمى بتنظيم "الشباب المؤمن". ويعتبر المحللون الحركة الحوثية في اليمن "معضلة لها جذور ولديها تطلعات ورؤى وحسابات على جانب من الخطورة والتعقيد". وترص العديد من المصادر أن الحركة الحوثية حظيت بدعم كبير من قبل الأقليات الشعبية في دول الخليج والسفارة الإيرانية في صنعاء. اندلعت مواجهات بين أنصار الحوثي والسلطات الحكومية، وما رافقها من "تعبئة كربلائية" ذلك أن الحوثي كان قد وزع على أنصاره كتاب "عصر الظهر" لمؤلفه علي الكوراني الذي يشير فيه إلى ظهور ثورة إسلامية ممهدة لظهور المهدي، كما ذكرت بعض التقارير أن الأجهزة الأمنية ضبطت مع بعض أتباع الحوثي وثيقة مبايعة الحوثي على أنه الإمام والمهدي المنتظر. وتعتبر "الحوثية" حركة سياسية متطورة عن تيار الإمامة الشيعية الجارودية في اليمن، مستغلة التوغل الإثني عشري الإيراني في المنطقة، وكشفت عن نفسها عبر سلسلة من الأحداث بين عامي 2004 2010 مستغلة سوء الأحوال الداخلية في اليمن سياسيا ومعيشيا وكذلك الأوضاع الإقليمية والدولية المتمثلة بأحداث الحادي عشر من سبتمبر 2001، ثم الاحتلال الأمريكي للعراق سنة 2003. لم تكن "الحركة الحوثية الإثني عشرية" معروفة في اليمن إلا عقب اندلاع مواجهات عسكرية بينها وبين السلطات في 18/6/2004، بقيادة حسين بدر الدين الحوثي، الذي قتل بعد أقل من ثلاثة أشهر من المواجهات التي تركزت في محافظة صعدة بشمال اليمن. وبعد مقتل حسين الحوثي، قاد والده بدر الدين المواجهات ضد السلطات، وقد اتخذت هذه المواجهات أشكالا عديدة مثل حرب العصابات وتشكيل خلية ناشطة في العاصمة صنعاء لاغتيال عدد من الضباط والمسؤولين. ويضع المحللون الحركة الشيعية الحوثية في إطار الحراك الشعبي الإثني عشري في المنطقة والدور الذي يراد للأقليات أن تلعبه من أجل تنفيذ مخططات معينة. والحركة الحوثية و صراعاتها المسلحة في اليمن لا تنفصل عن الطموحات الشيعية المتصاعدة في العراق ودول الخليج بقيادة إيران. بعد سنوات طويلة شعر اليمنيون من الجهل والحرمان بحاجتهم إلى تغير الأوضاع وهو ما تحقق بثورة سبتمبر سنة 1962، إذ قام عدد من الضباط بانقلاب على آخر الأئمة الزيديين منهين بذلك قرونا طويلة من عمر هذه الدولة. وبالرغم من أن معظم هؤلاء الضباط من أتباع المذهب الزيدي، إلا أن الحكم الجديد في اليمن لم يكن يستند لفكرة الإمامة الشيعية أو الزيدية الجارودية، بل كان حكما جمهوريا يبدي تجاهه المؤلف الكثير من التعاطف و يكيل له الكثير من المديح.