يخطئ من يظن أن تونس تختلف عن مصر، ومصر تختلف عن اليمن، وان اليمن تختلف عن كلتيهما، فما دامت الأنظمة تتشابه، فان ثورات الشعوب كذلك تتشابه، وثورات الشعوب لا يلزمها الوعي العالي ومستويات التعليم، ثورة الشعوب تجمعها مظاهر الظلم والقهر والذل، ثورة الشعوب تبدأ وان كانت عشوائية وتعمها الفوضى، ثورة الشعوب تحتاج فقط، لإرادة شعب يريد التغيير ، يوحدها الحلم والأمل، ثورة الشعوب تحتاج إلى اتفاق على نقطة الصفر لانطلاقها في يوم واحد وساعة واحدة، ثورة الشعوب تحتاج لالتفاف الشعب على بعضه البعض، ثورة الشعوب تحتاج إلى صرخة واحدة تجمعهم من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب، من أقصى الشرق إلى أقصى الغرب، ثورة الشعوب تحتاج إلى كلمة سواء واحدة (نحن نريد التغيير).. لا صعوبة في ذلك ما دام الظلم مصدره واحد، والفساد يرعاه واحد، والانتهاكات يأمر الظلم مصدره واحد، (نحن نريد التغيير).. لا صعوبة في ذلك ما دام الظلم مصدره واحد، والفساد يرعاه واحد، والانتهاكات يأمر الظلم مصدره واحد، والفساد يرعاه واحد، والانتهاكات يأمر بها واحد، وفي المقابل من كان بيده التغيير منذ زمن هو واحد. بل، ظل الحكام العرب كآلهة واحدة وحيدة، عودونا عيادتهم، ومن يرفض الدخول إلى محراب العبادة يمتهن ويهان، كل شيء لهم حق فيه حق الحكم علينا بالرفض والقبول، بالبقاء والهجرة، في كل شيء حتى بالحياة والموت، كل شيء لهم ملكية فيه البر واليم والعشب والجبل، حتى بما يكنه باطن الأرض، وما يخفيه عمق البحر، وما يكتنزه جذع الشجر، ثورة لا يملك الحق فيها سوى واحد احد، ووحده له حق بان يمنحها ويبيعها ويهبها لمن يشاء، ويبعد ويجرد عنها من شاء، هذه هي الآلهة التي عبدناها، إلى أن أيقظت حس الكرامة فينا تونس الخضراء! بلى. تنقصنا الكرامة، ومن يحاول الاحتفاظ بها، يبدو كمن أصيب بالعار وفقد شرفه، مقارنة باستسلام وخوف الأكثرية من الشعب، تلك الكرامة التي سهل على الأغلبية بيعها والمساواة عليها وفقدانها، والإغراءات كثيرة لا تعد ولا تحصى، يكفى أن تكون لديك وساطة قوية النفوذ والمال والقبيلة، وان تنتمي للحزب الحاكم، ليرضى عنك الحاكم، ويكفيك لكي تعيش بسلام فقط، بلا وظيفة، بلا مال، بلا صحة، بلا حق، بلا حرية، بلا رأي، بلا هدف، بلا طموح.. بمليون بلا وبلا، ما عدا من القات، وبعض المهدئات، وحديثاً المخدرات.. تعيش بسلام في وطنك، يكفيك رضا الحاكم عنك! ممنوع أن تعترض، ممنوع أن ترفض، ممنوع أن تمتلك صحيفة تسمى (الأيام) ممنوع أن تكون صاحب قضية تدعى الجنوب، ممنوع أن تكون حراكياً، ممنوع أن تناقش موضوع الانفصال، ممنوع أن تشكو، ممنوع أن تتظلم، ممنوع أن تدافع عن حقك وحق غيرك، ممنوع أن تحلم، ممنوع أن يكون لديك أمل. لأنك أن عريت واخترقت وسكرت حاجزاً واحداً من تلك الممنوعات. إن لم تعتقل (ستعيش مكلوما)، منبوذاً متألما، وستستمر حياتك عملاْ بمبدأ (التطنيش) دعه وحده يحارب طواحين الهواء، والكل في موقع القرار الأدنى والأوسط والأعلى بضع درجات من الأوسط خائف، الكل بائع، الكل خائن، الكل زائف، الكل مسطول وعاجز. كل هؤلاء عجزوا أن يكونوا معارضة تصنع ثورة، عجزوا أن يساعدوك ويغيثوك ويقفوا معك أنت وغيرك، لان طقوس صلاة الحاكم، الآلهة الفرد ستسقط عليهم لعنتها، ولم يعلموا أن لا صلاة حين تخوي البطون، لا صلاة حين تمتلئ السجون لا صلاة حين تكثر الوعود دون الوفاء بها، وتسرق الثروات باسم الله، لا صلاة حين يزج بالقضاء في ميدان السمسرة لاستثمار الأرض والإنسان، لا صلاة حين تتساوى الآلهة/ الحكام وبهبل واللات والعزى.. فالعزة لكل شعب صان كرامته ولم يهن ويتهاوى.. وقد أرتنا الأيام أن من عبدوا آلهة اليوم هم/ من سيكفرون/ سيكفرن بها غداً وبعد غد، ووحدهم، وحدهن سيرمونها بالحجارة. هل يدرك الحاكم الفرد لما يحدث ذلك؟ لان ماما أمريكا لن تقف معه بعد اليوم، فهي تدرك أن مصالحها مع الشعوب وليس الأنظمة التي خلقتها وحافظة عليها، وتناست أنها ربما تخلف أنظمة، (بفرد واحد ظن طوال حكمه انه إله) ولكنها لا تخلق شعوباً، لعبادة تلك الأنظمة! ولا صلاة حين تكون وحدها اليمن أولا، فالشعوب من تحيي الأوطان.. الشعب أولا، فأولاً، ثم أولاً.. آه كم هو الشعب التونسي عظيم، وكم هو الشعب المصري عظيم.. أعاد إلى ذاكرتنا الشعب التونسي أن الله وحده خالقنا ومولانا وواهبنا حق الحياة والموت وما بينهما من حقوق، ووحده من يجب أن نخشاه، وان قيمتنا تكمن في أن الله- عز وجل- فضلنا على كل مخلوقاته، وخلقنا أحرارا وليس عبيداً، وانه وحده الجبار القوي، شديد العقاب، وأنا لنا كرامة. المحامية والناشطة الحقوقية