تقع مدينة دمت السياحية جنوب العاصمة صنعاء في منتصف المسافة ما بين الشمال والجنوب، كانت (دمت) تتبع محافظة إب إداريا لكنها حاليا تتبع محافظة الضالع، يزيد عدد سكانها عن 30000 نسمة يحدها من جهة الشرق مديرية جُبن ومن الغرب مديرية السدة وشمالاً مديرية الرضمة ومن الجنوب مدينة قعطبه. تستغرق الرحلة من صنعاء إلى دمت حوالي ثلاث ساعات بالسيارة وعند المدخل الشمالي للمدينة تستقبلك عشرات اللافتات الإعلانية على جانبي الطريق والتي تشير الى أسماء الفنادق والحمامات التي تشتهر بها المدينة. كانت الساعة تشير إلى السادسة من صباح يوم عيد الفطر عند وصولنا الى المدينة والتي تستظل تحت جبل بركاني وتحيط بها الأراضي الخضراء من جميع الجهات، وعند كل صباح تستقبل المدينة زوارها الوافدين من القرى المجاورة لقضاء حاجاتهم والذين يغادرونها قبيل الظهيرة. الحمامات الكبريتية : تعتبر الحمامات الكبريتية البركانية و"الحرضة" من أبرز معالمها السياحية التي تستقطب الزوار القادمين من مختلف محافظات الجمهورية وبالذات في الأشهر الشتوية الباردة أما للنزهة والإستمتاع بالمناظر الطبيعية أو للعلاج بالحمامات الطبيعية التي تشتهر بها المدينة. الحمامات تم إنشاؤها على فوهات بركانية طبيعية صغيرة تندفع إليها المياه الحارة الكبريتية بخفة وغزارة بإرتفاع 10 أقدام ويتم بناء نافورات على هذه الفوهات ثم يتم إيصال المواسير منها الى الحمامات الخاصة والعامة والنسائية. ومن أشهر هذه الحمامات "حمام العودي"الواقع في مدخل المدينة والذي يتهمه المواطنين هو والأسدي (مالكي الحمامات والمنتجعات السياحية) بأنهم خربوا الأرض من أجل التنقيب عن المياه البركانية والتي يتم إستثمارها لمصالحهم الشخصية.كما يوجد هناك حمام الحمدي الذي يقع على حافة السائلة والذي يقال ان الشهيد ابراهيم الحمدي تحمم فيه أثناء حكمه ولهذا سُمي بإسمه وكان الدخول إليه مجانا،وحسب أقوال المواطنين أنه تم ردمه قبل سنوات وبني فوقه منزلاً لأحد الأشخاص الذي كان قائما عليه. و تقع حمامات الأسدي في قلب مدينة دمت وهي أكبر المنتجعات ويحتوي حمامات خاصة بالنساء وعامة و2 فنادق ومطاعم تليها حمامات الحسن وحمامات الظليمي وحمامات البرابرة العليا والسفلى وحمامات الحساسية والتي يسميها أهالي دمت ب"حمامات الجرب" لشهرتها في علاج الامراض الجلدية إلا إن شهرة هذه الحمامات ليست كشهرة حمامات الأسدي والعودي. الحرضة: تعتبر الحرضة المعلم الرئيسي لمدينة دمت، وسُميت بالحرضة نظراً لشكلها الشبيه ب"الحرضة أوالمقلى"الوعاء الأصلي لأكلة السلتة الوطنية الشعبية الشهيرة عند اليمنيين،والحرضة كمعلم في دمت عبارة عن تلة جبلية صغيرة تعلوها فوهة كبيرة ممتلئة بالمياه البركانية الحارة، يحيط بها سياج من الشبك الخفيف كحماية للزوار. ويطالب أبناء منطقة دمت،السلطة والمجلس المحلي الإهتمام بها،وتوفير سلم كهربائي لكبار السن والمرضى والأطفال والمعاقين،الذين لا يستطيعون الصعود الى أعلى التل كونها من أبرز المعالم السياحية في المنطقة. شبكة المجاري والصرف الصحي: تعتبر المجاري المشكلة الرئيسية من عدة مشاكل تعاني منها المدينة،وهي الأبرز حضورا من مشاكل عدة تعاني منها دمت لما تسببه من أضرار كثيرة بيئية وصحية ومادية كبيرة يعاني منها المواطنين والزائرين والسياح،ويثير طفح المجاري في الشوارع استياء الجميع في المدينة وخاصة أصحاب المطاعم والبوفيات والمحلات التجارية، من جراء الروائح الكريهة المنبعثة وقد عبر العديد من المواطنين أثناء زيارتنا لشوارع المدينة وخصوصا شارع عامر بن عبدالوهاب، عن استيائهم الشديد جراء هذه الحالة المقرفة التي تعاني منها المدينة وتأخر مشروع شبكة الصرف الصحي، والذي قيل انه سبق الإعلان عن المناقصة الخاصة به قبل خمس سنوات. وتعاني المدينة كذلك من الحفر والتخريب الذي تحدثه الأمطار بالشوارع وتتكون مستنقعات إختلطت فيها مياه الأمطار بالمجاري والقمامة والأوحال. ويعبر أحد التجار بالمدينة، عن حالة الإهمال التي تلاقيها المدينة من قبل الجانب الحكومي بقوله (يا مشتكي لا غير منصف زادك الله ظلامة)مُشيرا إلى ان البلدية لم تقم بأي شيء حيال الأمر،رغم شكاواهم المستمرة من هذه المشكلة والتي يرجعها البعض الى عدم توفر شبكة صرف صحي، والتوسع العمراني المتزايد للسكان، وإستخدام مواسير صرف صحي صغيرة بدائية إشتراها الأهالي على نفقتهم الخاصة. الأسدي والعودي في دمت: يبادر الموطنون عند رؤية زوار غرباء عن المنطقة بإفراغ همومهم وحنقهم وغضبهم بالحديث عن "الأسدي والعودي" ويربطون كل ما حل بمدينتهم من خراب ودمار بهذين الشخصين الذين ذكرناهما سابقا والمعروفين بصراعهما المُستمر، يقول المواطنون إن هذين الشخصين يملكون أكبر الحمامات الكبريتية ويستهلكون المياه الطبيعية التي هي ملك الجميع وأن هذه الحمامات تستقبل يومياً عددا كبيرا من الزوار ما بين (3500-4000) أجر المتحمم في حمامات العودي (100ريال) وفي حمامات الأسدي (500ريال) "كون الثانية أشد حرارة وتعالج أمراض الحساسية"، بالإضافة الى أنهم يملكون الفنادق والعديد من المحلات التجارية والمستوصفات الخاصة والأراضي مما قوى من نفوذهم وسلطتهم في المدينة (وسنتناول تفاصيل أكثر عن هذين الشخصين لاحقا). القات مصدر دخل المواطنين الوحيد: بسؤال احد بائعي القات ويدعى (قيس خالد) عن مصدر دخل المواطن في هذه المدينة أجاب أن المصدر الرئيسي للدخل في مدينة دمت هو زراعة القات حيث أن 90% من الموطنين يعتمدون على- هذه الشجرة كمصدر وحيد للدخل في المدينة، ويفضل المواطنون الإعتماد على هذه الشجرة التي تدر عليهم دخلا مناسبا يغطي إحتياجاتهم عن الوظيفة التي لا يكفي دخلها حتي لسد الإحتياجات الأساسية للحياة حسب تعبير"قيس". وقد لاحظنا أثناء تجوالنا الإنتشار الكثيف لهذه الشجرة في الوديان والمدرجات وعلى جانبي الشوارع والأغرب أننا لم نشاهد زراعة أي شجرة ُأخرى غير شجرة القات التي تكسو معظم المناطق الزراعية في المديرية. ويضيف "طارق"صاحب حائط قات في المديرية أن مالكي الحيطان يبدؤون بعد صلاة الفجر بقطف القات وتوليفه ثم يُحمل الى ما يسمونه (سوق الحراج) لبيعه لبائعي القات القادمين من القرى والمحافظات الأخرى، ويؤكد بأن سوق القات يستقبل يوميا اكثر من (300000) ربطة قات يومياً على الأقل ويدفع بائعو القات ضريبة على كل "مرقحة" مبلغ (200ريال) لصاحب السوق (علي ناصر العودي)وعند سؤالنا لماذا تدفع الضريبة لصاحب السوق وليس إلى المختصين من مصلحة الضرائب أجاب بائعي القات إن علي ناصر العودي عرض عليهم تصريح حصل عليه في فترة حكم المخلوع علي صالح يخوله بجلب الضرائب لحسابه الشخصي ويقول العودي (صاحب السوق) بأن التصريح مفتوح (أي غير محدد بمبلغ معين أو بفترة زمنية محددة) بينما يذكر البعض بأن التصريح يسمح له ب (بمائة مليون ريال يمني فقط).ومايزال المواطنين ينتظرون جهة مختصة للتحقيق ومراقبة هذا العبث والنهب للمال العام والذي لا تقل عن 300000ريال تؤخذ من بائعي القات بشكل يومي. مواطنو دمت يشكون من نفوذ الأسدي على أراضيهم: شهرة حمامات دمت من الناحية العلاجية والسياحية أغرت بعض النافذين في المديرية لنهب أراضي المواطنين الضعفاء وإستغلالهم وشراء ما يملكونه من اراضي وعقارات بمبالغ زهيدة رغم إرتفاع أسعار الأراضي حيث إن سعر الذراع على الشارع العام يصل إلى المليون ريال،وأكثر المواطنين هناك يشكون من نفوذ محمد قايد الأسدي والذي يحتمي بأحد كبار القادة العسكريين وكذلك علي ناصر العودي رئيس فرع المؤتمر الشعبي العام. يحكي لنا أحد أبناء قرية "خاب"أن"الأسدي"إشترى(بوكلين – شيول) من أجل التوسع أكثر في الأراضي ويقوم من خلال هذه الآلة بنحت الجبال الملتصقة بمدينة دمت رغم عدم ملكيته لها وحتى شوارع المدينة لم تسلم من نهب هذين الشخصين فقبل سنتين تم البناء العشوائي في جزء كبير من الشارع العام وشارع 16 المتفرع منه ويربطه بشارع الدائري وقد تم إستدعاء لجنة تحقيق في المخالفات والتجاوزات التي تعرضت لها شوارع دمت،اللجنة نزلت الى الشارع العام وشارع 16وإطلعت اللجنة ومهندسي الأشغال على المخطط العام وإسقاطه على الطبيعة ووجدت اللجنة إن هناك تجاوزات ومخالفات عديدة منها إن الشارع قد بني عليه جامع مع ملحقاته وإستدعت اللجنة العقيد محمد الأسدي وتم الخروج بحل وهو إنقاص عرض الشارع من 24 متر إلى 12متر لأنه من الصعب هدم الجامع وملحقاته،وهذا التجاوز صعد من تبادل الإتهامات بين الأسدي والعودي،وكان هذا بعد إن شكل محافظ الضالع اللواء علي قاسم طالب لجنه للتحقيق ولكن تم الضغط على المحافظ من قبل وزير الأشغال بعد تهديد العودي بتقديم إستقالته من رئاسة فرع المؤتمر إذا تم إبعاد الجامع من الشارع. حمل السلاح في دمت: يشاهد الزائر أبناء دمت يحملون الأسلحة بشكل يومي على أكتافهم ويتجولون بها في المدينة،وذلك من أجل حراسة القات أو حماية أراضيهم التي أصبحت عرضة للنهب وصار حمل السلاح عادة لديهم منذ أيام الجبهة في السبعينات و كانت مدينة دمت تمثل منطقة حدودية بين شطري الوطن وشهدت معارك ضارية في تلك الفترة وبالذات مديرية دمت وقعطبة وجبن وما تزال آثارها باقية الى اليوم من طرق ومواقع عسكرية ودبابات معطوبة تشهد لأبناء هذه المنطقة بمهاراتهم في تعطيل وإعطاب هذه الآلات لتبقى شاهدة إلى اليوم على مراحل الصراع التي خاضتها القوى الوطنية مع القوى الظلامية والإستبدادية منذ ستينيات القرن الماضي. مكتبة المَسار الثقافية: مكتبة المسار الثقافية إلى اليوم مازالت مُغلقة مُنذ بداية الثورة الشبابية بسبب الإيجار،وتعتبر المكتبة أكبر مكتبة في محافظة الضالع وقد تم إفتتاحها من قبل محافظ المحافظة علي طالب وبث هذا الإفتتاح عبر التلفزيون الرسمي،في بداية إفتتاحها تم التوقيع على بعض الأعمال لبعض الكتاب،وتم إستدعاء الكثير من أدباء ومثقفو البلد لحضور بعض الأنشطة والأمسيات الثقافية وأقيمت فيها. المكتبة تتواجد خلف فندق بابل في مكان هادئ يهيئ القراءة والإستيعاب فيها،وتتكون المكتبة من قاعة واسعة تحتوي بداخلها الأثاث الفخم الذي يساعد على تركيز القارئ،تضم المكتبة انواع الكتب في الأدب العالمي والعلوم والفلسفة والتاريخ والعديد من الروايات المحلية والعالمية منها روايات (لغارسيا ماركيز،ونجيب محفوظ،وماريو بارغاس،تشارلز ديكنز،وديكارت) بالإضافة إلى العديد من القصص العالمية ودواوين شعرية وكتب فلسفية لأفلاطون وكتب أخرى. ويقول أحمد أحد الشباب المثقفين في المديرية أن إغلاق المكتبة جعل الشباب الذين كانوا يزورونها سابقا بشكل يومي يحملون اللوم للجهات التي كانت قائمة عليها ويحملونهم مسؤولية ما سيحل بدل القراءة والثقافة على أبناء المديرية الذين ما زالوا متشوقين لفتح المكتبة. القمامة والمُخلفات تخيف المواطنين في دمت: يقول عضو المجلس المحلي في المحافظة عبدالله علي الشامي انه غير راضي على اداء المجلس المحلي في المحافظة رغم سحب الثقة عن 15 مدير عام، وتوزيع الوظائف بطريقة غير متساوية على كافة المديريات ويضيف ان العمل في المجلس المحلي لم يواكب الطموح وان القانون ومواده يخدم الجهات المركزية لهذه الاسباب انا قدمت استقالتي احتجاجا على بعض التصرفات وللمركزية المفرطة، اذ كان هذا تصريح احد أعضاء المجلس المحلي في مركز محافظة الضالع وهو احد الاعضاء الذين يمثلون مديرية دمت غير متفائل ولو بجلب قلابات القمامة لرفع الاكوام الكبيرة منها في مديريته دمت واخراجها الى خارج المدينة، وبرغم اكوام القمامة في الشوارع والاماكن العامة تكاد تطغى على ما سواها، هذه الاكوام والمخلفات المنتشرة بكثرة في مختلف احياء مدينة دمت بحيث تهيء للتلوث البيئي والذي يعتبر ابرز معالمها وسط تجاهل الجهات المختصة المشغولة بمهمات اخرى وليس الحفاظ على بيئة المنطقة ومعالمها السياحية. هناك قال لنا مختصون في الصحة البيئية ان ما يضاعف معاناة المواطنين ويؤدي لانتشار كثير من الامراض والأوبئة إضافة الى التلوث المنتشر هو تردي الخدمات الصحية وهذا بدوره أدى لان تصبح مدينة دمت والمناطق المجاورة موبوءة بكثير من الامراض. كشك "عمر": وسط مدينة دمت كشك (عمر) ويعتبر الكشك الوحيد لمدينة دمت وهو اشبه بمنفذ صغير بين منزلين تم سده قبل سنوات بحيث يكون هو متفرد في توفير الصحف الحزبية فقط وبالذات صحيفة الصحوة والاهالي والناس وصحيفة أخبار اليوم، وصحيفة الثوري التابعة للحزب الاشتراكي اليمني، قال (عمر) انه يقاطع بقية الصحف المستقلة المحايدة لأنها لم تمنحه نسخ مجانية وانه لا يرغب بتوفير هذه الصحف، بينما في الوقت نفسه يرجع عدد كبير من القراء ومواطني دمت منكسرين عند عدم حصولهم لبقية الصحف اليومية والاسبوعية والمستقلة والقاء اللوم على صاحب الكشك الذي وصفه احد زبائنه بانه محتكراً او يريد تمرير اتجاهاته السياسية والحزبية مثل ما يريد (عمر) صاحب الكشك, ويوعد إحدى زبائنه القراء أنه في الأسبوع القادم سيوفر صحيفة الشارع اليومية وصحف اخرى. تصوير/ محمد محسن الحقب