جرت صدامات بين أنصار الرئيس المصري محمد مرسي ومعارضيه الأربعاء استخدمت فيها الحجارة والزجاجات الحارقة أمام القصر الرئاسي بالقاهرة، مجسدة الانقسام الحاد في البلاد التي تغرق في أزمة سياسية . وتبادل متظاهرون من الفريقين إلقاء الزجاجات الحارقة والحجارة وتم حرق سيارات وسمعت أصوات إطلاق نار ، وتدخلت فرق مكافحة الشغب في محاولة لتفريق المتظاهرين من الجانبين أمام القصر الرئاسي، بحسب مصدر امني. لكن الصدامات استمرت حتى بعد تدخل الأمن . وأعلن الناطق الرسمي بإسم وزارة الصحة المصرية مساء اليوم الأربعاء للتلفزيون المصري أن عدد الإصابات في إشتباكات محيط مبنى الرئاسة بلغت 74إصابة ولم تقع أي وفيات وعلت أصوات في المعارضة التي طالبت مجددا بسحب الإعلان الدستوري الذي منح مرسي صلاحيات مطلقة وإلغاء استفتاء 15 كانون الأول/ديسمبر على مشروع الدستور، لتؤكد أن النظام "يفقد شرعيته يوما بعد يوم ". في المقابل أكد النظام بلسان نائب رئيس الجمهورية محمود مكي أن الاستفتاء سيتم في موعده المقرر على مشروع الدستور الذي اعتبرت المعارضة انه لا يحمي بعض الحقوق الأساسية بينها حرية التعبير ويفتح الباب أمام تطبيق صارم للشريعة الإسلامية . ورفع بعض المتظاهرين من سقف مطالبهم بسبب ما وصفوه بتجاهل الرئيس لها وطالبوا برحيله وتشكيل مجلس رئاسي لإدارة المرحلة الانتقالية . واندلعت هذه الأزمة الأخطر من نوعها منذ تولي مرسي الرئاسة في حزيران/يونيو الماضي، في 22 تشرين الثاني/نوفمبر مع إصدار الرئيس مرسوما بإعلان دستوري يحصن قراراته من أي طعن قضائي وهو الأمر الذي أثار معارضة قسم كبير من القضاة وغضب المعارضة . ويواصل الاعتصام المفتوح الذي كانت قد بدأته القوى الثورية غير الدينية قبل نحو أسبوعين بميدان التحرير الذي يشهد هدوءا نسبيا غير أن الميدان مازال مغلقا أمام حركة سير السيارات فيما دعت جبهة الإنقاذ الوطني أحد الجهات الداعية والمنظمة للاعتصام إلى تظاهرة مليونية جديدة يوم الجمعة المقبل تحت عنوان "جمعة الكارت الأحمر" أو الرحيل . إلى ذلك قررت محكمة القضاء الإداري، التي تفصل في منازعات تكون الدولة طرفا فيها، الثلاثاء إرجاء دعوى قضائية تطالب ببطلان الإعلان الدستوري الصادر في الثاني والعشرين من نوفمبر/تشرين الثاني إلى يوم الأربعاء . ويحصن الإعلان الدستوري قرارات الرئيس المصري من الطعن فيها أمام أي جهة. كما يحمي مجلس الشورى والجمعية التأسيسية لصياغة الدستور من الحل . وأصدر مرسي قرارا بطرح مشروع الدستور الذي أعدته الجمعية التأسيسية للاستفتاء فور تسلمه منها السبت الماضي . ووجهت حركات سياسية مصرية اتهامات بسيطرة "الإسلاميين" على الجمعية وتأثيرهم على صياغة بعض مواد مسودة الدستور، ووصل الأمر بأن انسحب بعض أعضاء الجمعية قبل أكثر من أسبوع بالتزامن مع إعلان دستوري أصدره الرئيس المصري محمد مرسي يحصن الجمعية التأسيسية من الحل . لكن أحزاب ذات مرجعية إسلامية، مثل حزب الحرية والعدالة والنور، تنفي الاتهامات وتؤكد على أن أعضاء الجمعية مثلوا مختلف فئات المجتمع . ودعا شيخ الأزهر احمد الطيب المصريين إلى ضبط النفس والحوار في الوقت الذي برزت فيه أول انشقاقات في صلب الفريق الرئاسي مع استقالة ثلاثة من مستشاري الرئيس مرسي، بحسب وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية . ولليوم الثاني على التوالي كان محيط القصر الرئاسي المصري مسرحا لتوتر شديد ومواجهات ناجمة عن هذه الأزمة . وقبيل بدء المواجهات بين المتظاهرين، دعت كل من جماعة الأخوان المسلمين التي أتى منها الرئيس مرسي، والمعارضة إلى تظاهرات أمام القصر الرئاسي . وانسحب المعارضون اثر ذلك تاركين لفترة الساحة للإسلاميين الذين سيطروا على محيط القصر الرئاسي الذي قصده الرئيس الصباح لمزاولة مهامه، بحسب احد مستشاريه. غير أن المعارضين ما لبثوا أن عادوا إلى المكان لتستأنف المواجهات وبشكل اعنف . وفي مؤتمر صحافي لجبهة الإنقاذ الوطني المعارضة قال رئيس الجبهة محمد البرادعي إن مرسي يتحمل "المسؤولية الكاملة" في أعمال العنف. وأضاف البرادعي حائز جائزة نوبل للسلام والمدير العام السابق للوكالة الدولية للطاقة الذرية "إن النظام يفقد شرعيته يوما بعد يوم ". لكنه أكد أثناء المؤتمر الصحافي الذي شاركه فيه بالخصوص عمرو موسى الأمين العام السابق للجامعة العربية وحمدين صباحي المرشح السابق للرئاسة ان المعارضة "مستعدة للحوار" لكن شرط ان يسحب مرسي الإعلان الدستوري. ووصف البرادعي النظام بأنه "قمعي وثيوقراطي ". من جهته قال حمدين صباحي إن أي سفك للدماء إمام قصر الرئاسة "يعني فقدان (الرئيس محمد) مرسي لشرعيته" مضيفا "إن جبهتنا هدفها النضال ضد تحكم شخص أو حزب في البلد" في إشارة إلى الرئيس محمد مرسي وجماعة الإخوان المسلمين، وذلك قبل عشرة أيام من استفتاء على مشروع دستور جديد لمصر لم توافق عليه المعارضة . وقال مرسي ان الصلاحيات الواسعة التي منحها لنفسه في الإعلان الدستوري تهدف إلى تسريع الانتقال الديمقراطي مشيرا إلى إنها "صلاحيات مؤقتة" ستنتهي مع تبني الدستور الجديد . وبعد دعوات أميركية للهدوء قالت وزيرة الخارجية الاميركية هيلاري كلينتون إن "الاضطرابات تظهر الضرورة الملحة للحوار" بين أطراف الأزمة في مصر. كما دعا الاتحاد الاوروبي مساء الأربعاء طرفي الأزمة إلى "الهدوء وضبط النفس ". وقالت كاثرين اشتون وزيرة خارجية الاتحاد الاوروبي أنها تابعت "بقلق" الأحداث في مصر ودعت "كافة الأطراف إلى الهدوء وضبط النفس ". وقالت "انه من الأهمية بمكان أن تستأنف مصر الانتقال الديمقراطي الذي انخرطت فيه وان تعود الثقة في هذه العملية ". وعلى الصعيد ذاته قدم 3 من أعضاء الهيئة الاستشارية للرئيس المصري محمد مرسي استقالاتهم يوم الأربعاء 5 ديسمبر/كانون الأول على خلفية الأزمة التي اندلعت في مصر عقب إصدار رئيس الجمهورية إعلانه الدستوري . والمستشارون الذين قدموا استقالاتهم هم سيف الدين عبد الفتاح وأيمن الصياد وعمرو الليثي . وفي تصريح لصحيفة "الأهرام" علق سيف عبد الفتاح على استقالته، قائلا انه قدمها لان الهيئة الاستشارية "حذرت من اقتتال الشعب المصري بما يؤدي إلى سفك دماء أبناء الوطن الواحد بأيدي بعضهم البعض"، مشيرا إلى أن الرئيس "وعد بأنه لن يسمح بإراقة دماء المصريين ". وأشار عبد الفتاح إلى أن الرئيس "ترك نفسه لمجموعة من المعاونين المنتمين للإخوان والذين لا يقدرون الأمور حق قدرها ". وتجدر الإشارة إلى أن سيف عبد الفتاح أعلن عن استقالته في حديث تلفزيوني على الهواء مباشرة على خلفية تصاعد الاشتباكات بين مؤيدي ومعارضي الرئيس مرسي بالقاهرة والمحافظات المصرية . وقال كل من أيمن الصياد وعمرو الليثي أنهما قدما استقالتيهما منذ أكثر من أسبوع، ولكن لم يتم الإعلان عن ذلك حتى الآن . "وكالات"