تحفة رسمتها الطبيعة الخلابة ولوحة تراثية تركتها الحقب الحضارية القديمة على قمم جبالها وسهول وديانها, إلتقت ينابيعها الحارة بينابيعها الباردة لتروي الطبيعة وتعالج الإنسان من أمراض عدة وتنقي البدن.. ملامحها الآسرة للقلوب ومدرجاتها الخضراء تخطف الأنظار فيتوافد عليها الزوار والسياح من كل حدب وصوب يحجون إليها على مدار العام ليشاهدوا قطعة من الأرض كانت عاصمة إحدى الدول اليمنية القديمة وهمزة وصل بين أعظم الحضارات (حمير - سبأ), مدينة الملوك سميت قديماً وجبن حاضراً. تجدون هنا جانباً يسيراً من الثروة الطبيعية والأثرية المرمية بين جنبات أودية المديرية. رغم أهمية المكان والطبيعة والتاريخ الذي تمتاز به مديرية جبن والتي تسابق عليها الملوك والممالك تجاهلتها سلطات صنعاء الرسمية. الموقع والمجتمع تقع جبن في شرق محافظة الضالع وهي أكبر مديرياتها التسع. تبلغ مساحتها 12550كيلومتر مربع, تحدها البيضاء شرقاً ورداع شمالاً والشعيب جنوباً ودمت غرباً, تتوزع على مساحتها الشاسعة 6عزل رئيسة شكلها المجتمع في جبن (جبن العاصمة - الربيعتين - نعوة - الضبيان - الوادية) وتتفرع منها 62قرية. ينتسب أبناء جبن إلى قبائل عدة من أبرزها: (بني ويس- إسحاق- الذرحان- وقبائل عريقة أخرى لا يسعفنا المجال لذكرها هنا), يسكن المديرية 65ألف نسمة معظم أبنائها يعيشون في الخارج فاتخذوا من الاغتراب في دول العالم وسيلة من وسائل العيش وطلب الرزق الحلال. تصل نسبة السكان المغتربين إلى نصف عدد السكان ويتركز اغترابهم على الولاياتالمتحدة ودول الخليج العربي وبلدان أخرى. إنها واحدة من مديريات البيضاء سابقاً والضالع حالياً. جبن تكسو الخضرة وديانها وجبالها وتتساقط أمطارها الموسمية بين أبريل وأكتوبر من كل عام.. تتميز بهوائها النقي ومياهها الوفيرة, تجري بين أوديتها الغيول العذبة وتتدفق فيها ينابيع حارة عدة تعرف باسم (الحمامات) مما جعل السياح والزوار يأتونها من كل فج قاصدين التشافي بهذه المياه الكبريتية الطبيعية والمناظر الخلابة وبقايا الحصون والقلاع التاريخية التي تعود أغلبها لحضارة دولة حمير. عبر التاريخ امتازت جبن بالموقع الاستراتيجي الهام فكانت تجمع بين الدولتين: حمير وسبأ. على أنها اليوم تعاني التسيب والإهمال بشكل فظيع ما أدى الى إندثار تاريخ حضارات سكنت هنا. تاريخ وحكايات في هذه الأرض المميزة ثروة تاريخية لا تقدر بثمن ولكن يحز في النفوس أن كل هذه الثروة لم تعرها السلطات الرسمية في صنعاء اهتماماً مما تركها عرضة للعابثين والمخربين الذي يتاجرون بالآثار. «مدينة الملوك» أهم اسم تاريخي عرفت به جبن وكان في عهد حمير وكذا الدولة الطاهرية التي حكمت أجزاء واسعة من اليمن فعاش ومات فيها وحكم منها أغلب الملوك واتخذوها معقلاً للحكم, أي أنها كانت عاصمة الدولة الطاهرية. ومن أبرز المعالم التاريخية الشاهدة إلى اليوم جبل (هران الحميري) المطل على المدينة, وعلى هذا الجبل شيد الملك هران قصراً كبيراً ما تزال بناياته باقية إلى اليوم. ويحكى أن الملك هران حفر نفقاً من قصره عبر الجبل إلى الوادي موصولاً ببئر ماء للشرب, لكن الملك منع اقتراب الأهالي من البئر وخصصها له ولأسرته فقط. عن القصر تقول الروايات إنه كان أضخم القصور في زمانه, وبعض المؤرخين يقول إن أركانه بنيت من الفضة والمرجان, حتى أن أبناء جبن يرددون وإلى اليوم الزوامل التي تحاكي ذلك العهد السحيق, منها زامل (ياقصر هران ياتحفة الأركان ركنان فضة وركن مرجان وركن من عهد النبي سليمان). ويحكى أن نبي الله سليمان عليه السلام زار هذا القصر بعد أن أسلمت مملكة سبأ له وأمر بتوسيع القصر الذي أتخذه أحد قادة جيشه معقلاً له. مؤرخون محليون يذكرون أن قبر النبي شيث بن نوح عليهما السلام موجود في قرية موثة أو موث في عزلة حجاج الواقعة في جبن. المدرسة المنصورية العامرية أو المنصورية مدرسة شيدتها الدولة الطاهرية في عهد السلطان الطاهري عامر بن عبدالوهاب الطاهري. تتوسط المدرسة مدينة جبن عاصمة المديرية تشمخ بعزة وكبرياء تاريخها، عريقة البنيان هامة المعلم. تعرضت هذه المدرسة لتشققات الدهر وتهاوت عدد من نقوشها المعمارية البديعة، رافق هذه المعاناة دور رسمي مخز ومخيب للآمال. يقول الأستاذ والشخصية الاجتماعية البارزة في جبن مسعد حسين محسن: «جامع العامرية كان يسمى المدرسة المنصورية, عمرها 780عاماً وهي من المعالم والمساجد الإسلامية التاريخية النادرة, بدأ الترميم فيها قبل 12عاماً وحتى اليوم لم ينجز منه سوى %40فقط, كل فترة يأتون ليعملوا القليل ثم يختفون, يعني عمل مماطلة يا أختي». يضيف مسعد: «الترميم متعثر حالياً والمواطنون هنا يناشدون كل الجهات المختصة ووزارة الثقافة والسياحة حماية هذا المعلم التاريخي من الانهيار. هنا في جبن يوجد المئات من الآثار الطاهرية والحميرية والسبئية وأدعوكم لإجراء المزيد من الاستطلاعات في هذا الجانب». تنتشر في مديرية جبن الآثار والنقوش الحميرية وتحيط بالمدينة وعلى جبالها أربعة حصون أو قلاع ما تزال أطلالها باقية الى اليوم, وهي (حصن القحللة - حصن قرعد - حصن قلعة - حصن قرين). تشتهر في جبن زراعة المحاصيل والحبوب نظراً لتضاريسها ومناخها المناسب للزراعة. ومن السهول الزراعية سهل يهر الحميري.