عزيزي الرفيق / عبد الكافي الرحبي... دام عطاؤك! كرف اليمام والنوارس تأتي، وكبسمة الربيع تأتي. كخفق القلب، وكفوح الزهور أتيت. سيرتك العاطرة عطاء يغمر الوجدان. انتميت أيها الكافي - كتسمية رفيق دربك ابن حيدر – للفكر اليساري. في ربيع العمر والطلب انتميت للطليعة الشعبية أحد فصائل اليسار الماركسي القادم من التيار القومي (البعث). في الثانوية العامة والجامعة تصديت مع رفاقك للتيار الظلمي المتعاون مع الأمن السياسي لقمع الحريات العامة والديمقراطية وتزييف الوعي وتوظيف الإسلام للقوى التقليدية المعادية للعلم و الحرية والتفتح والتسامح ودمقرطة التعليم وإغناء الحياة وتخصيب العقل. منذ البدء تعشقت الحرية، وكفرت بالعبودية و القمع. كنت يا كافي من أوائل من انتقد القيم القبائلية الثاوية في سلوك قيادة الحزب الاشتراكي. انتقدت العنف الثوري الأعمى ، ودنت الممارسات "الأبوية" ذات الجذور العشائرية في الحزب الذي انتميت اليه في ربيع العمر، مسكوناً بالاعتزاز بالكرامة وحب الحياة والناس. سكنا معا، وتحزبنا معا. وتزاملنا في العمل والهم الوطني. تبادلنا الكتب والمنشورات كالخبز اليومي. تعرضت للاعتقال والعسف والملاحقات البوليسية. قاومت القمع بالوعي والتمسك بقيم الحرية و الحق. كنت دائم الحضور في الحياة الفكرية والإبداعية؛ فأنت المثقف العضوي الذي انغمس في النضال اليومي للحركة الوطنية الديمقراطية. وكنت شديد الانتقاد لتغييب الديمقراطية في صفوف الحزب الاشتراكي، وهو ما أدى إلى الابتعاد عن الالتزام التنظيمي، رغم الوفاء للمبادئ و الأفكار العلمية. في كتابك " أعمدة الشمس - قراءات في الفكر و الأدب" تطرقت إلى طرح الأسئلة المغيبة و المسكوت عنها. كما ناقشت القضايا المغيبة الأكثر أهمية وعمقاً. تناولت الأفكار والأشخاص ذات الأثر العميق في الحياة الثقافة : الواحدية، البنيوية، والتاريخ، والجاحظ وازدراء الكتابة. أدركت القيمة المعرفية العظيمة للعالم والمفكر الإسماعيلي حسين ابن فيض الله الهمداني صاحب التاريخ المهم (الفاطميون والحركة الصليحية في اليمن) . تصديت للاستبداد و ثقافته الباشعة . جل كتاباتك ومداخلاتك في منتدى الجاوي ومركز الدراسات وغيرهما وعمودك في صحيفة التجمع الأسبوعي بعنوان (حلو الكلام) - كان زينة صحيفة التجمع .وهي مقالات ومباحث اهتم رفاقك وزملاؤك :عبد الملك ضيف الله و محمد عبدالوهاب الشيباني ومنصور هايل وعارف الشيباني و أحمد كلز بتجميعها في كتاب سيكون التحية الرائعة في الذكرى الأربعين لرحيلك المباغت. رحيلك المفاجئ غرس في نفوس أهلك ومحبيك حزنا مقيما .انتزعك الموت في ربيع الحياة وموسم العطاء. مشاريع عطائك لم تكتمل. كنت لاتزال تنتظر صدور كتابك "فضاء الخطاب النقدي"، وتعد المجلد الثاني من الأعمال الكاملة لأحد أهم أساتذة جيلنا الدكتور والمفكر العربي الكبير أبو بكر السقاف. والذي أتمنى على الزملاء في منتدى الجاوي وبالأخص منصور هائل الذي أعد المجلد الأول أن يهتموا باستكمال مابدأت؛ وفاءً لأستاذنا السقاف، وتحية وداع ووفاء للمبدع والباحث عبد الكافي الرحبي. فسلاماً عليه يوم ولد، ويوم يموت، ويوم يبعث حيا .