ما يستحق التساؤل فعلا بخصوص نقل البنك المركزي اليمني من صنعاء الى عدن ، هو سر تأخر هذه الخطوة لا سواها ، وسر قبول حكومة هادي بما سمي الهدنة الاقتصادية وبقاء المؤسسات المالية في يد اعدائها صالح والحوثيين ؟! والجواب يكمن اساسا في فقدان بلداننا جميعا - خارج معسكر القوى الاقتصادية الكبرى - لكل سيادة مالية او استقلال وخضوعنا جميعا بدرجات لهيمنة المؤسسات المالية الدولية - الصندوق والبنك الدوليين - ومن يعرف طبيعة الطبقة السياسية اليمنية يعرف انها لا تفكر في تحدي مثل هذه المنظمات وكل الثقافة السياسية التي تشكلت في العقدين الاخرين قائمة على تملق هذه المنظمات والسفارات الغربية - لأسباب كثيرة بعضها موضوعي طبعا - ... لا يعقل ان تحارب حكومة تزعم انها شرعية خصومها وتقبل في نفس الوقت ببقاء المؤسسات المالية للدولة تحت سيطرتهم !! بعض المتخوفين من نقل البنك المركزي يستندون لمسائل اخرى ، من قبيل ان تكون هذه الخطوة ممهدة للانفصال وتفكيك ما تبقى من مؤسسات الدولة المركزية ، وهي مخاطر قائمة فعلا وتوسعت اساسا بفعل غزو تحالف صالح الحوثي للسلطة ومن ثم لبقية جغرافيا البلد وخصوصا الجنوب دون اي احساس بالمسؤولية او احتساب للعواقب وطبعا بالنقيض من كل التفاهمات والاتفاقات السائدة في البلد خصوصا في الحوار الوطني ، ومخاطر الانفصال وفك الارتباط قائمة حتى قبل اندلاع الثورة في فبراير 2011 ، وفي صلب اسبابها طبيعة نظام علي صالح والذي يمثل الاستمرارية التاريخية لنظام الإمامة القائم على تركيز السلطة في نفس المنطقة الجغرافية وتقويض كل امكانيات وشروط تكون المواطنة والمواطنية والدولة الوطنية . فيما يستند البعض الاخر من المتخوفين من النقل الى طبيعة المفاعيل التي قد تنتج عن هذا النقل في علاقة بحقوق الموظفين ورواتبهم في عموم البلد ، وبكيفية تغطية الاستيراد للمواد الضرورية المستوردة والصفقات التجارية ، وهي تخوفات مشروعة ومفهومة خصوصا لجهة انعدام الكفاءة والفاعلية التي تتسم بها حكومة هادي ، والامر يحتاج اولا الى اعلان مسؤول وواضح من قبل الحكومة عن التزامها بتغطية كل الرواتب و الحقوق لجميع الموظفين وترتيب مسألة تغطية الاستيراد الخ ، وهو الامر الذي في الظروف الحالية وانهيار ايرادات الدولة لن يكون من السهل مواجهته بدون الاقتراض من الخارج من قبل الحكومة الشرعية ، ويزداد الامر صعوبة متى ما عرفنا ان نقل البنك لا يحظى بقبول المؤسسات المالية الدولية . لكن لا مفر منه بالنسبة لحكومة وبلد في حالة حرب داخلية ،طبعا حكاية حديث البعض عن انه بدلا من نقل البنك على الحكومة ان تسيطر على صنعاء لا يستحق التعليق فهؤلاء لا يعرفون شيئا عن الحرب !!
قناة الاشتراكي نت_ قناة اخبارية للاشتراك اضغط على الرابط التالي ومن ثم اضغط على اشتراك بعد أن تفتتح لك صفحة القناة @aleshterakiNet
