لم تكن الوحدة اليمنية غلطة ولا جريمة حتى يظهر اليوم من يتبرأ من ذلك الشرف او يدعو للتراجع عنه. فالثاني والعشرين من مايو المجيد كان حصيلة عطاءات لأجيال تناوبت على تقديم التضحيات في سبيل الوحدة ولم شمل اليمنيين. ويبقى للحزب الاشتراكي ولرموزه القيادية شرف الصدارة في محاولة تحقيق ذلك الحلم الخالد بكل مصداقية واخلاص. اما ما تلى اتفاقية الوحدة من الانتكاسة والإخفاقات فقد كانت نتاج طبيعيا لنهج الاستئثار بالسلطة على حساب الشراكة الوطنية حتى كان ما كان من الاحداث مرورا بحرب صيف 1994 وانتهاء بما وصل اليه حال البلاد اليوم بسبب الانقلاب. في غمار ذلك برزت العديد من الدعوات والمطالب للاصلاح السياسي واستعادة الشراكة الوطنية وبرزت دعوات الانفصال في سياق المطالب تلك كرد فعل عفوي انحصر لوقت طويل على الأصوات الجنوبية وبمنطلق وطني محصور، لكنها لم تعد كذلك اليوم بعد دخول بعض الاطراف الخارجية التي أضحت تجعل منها ورقة للابتزاز و ظهور من يطالب به ويعمل عليه من الشمال. حسب اعتقادي فإن الخروج من المأزق الذي اُدخلت اليه البلاد والعباد في اليمن لا يكمن بالانفصال الذي يبقى حقا مشروعا لكل الشعوب والأقليات من غير الأمريكان. فكل المؤشرات توحي باستحالة عودة الوضع الى ما قبل العام تسعين خاصة مع اتساع مظاهر الانقسامات المناطقية والطائفية وانتشار دعواتها اضافة الى توسع دائرة اللاعبين عليها من الداخل والخارج . ولعل ذلك بحد ذاته يبقى كافيا لجعل الانفصال مسلك (غير معقول) من شأنه ان يقضي على سلامة الكيان اليمني برمته على مستوى الجغرافيا المساحية والاجتماعية. مادام لطريق الحل الاتحادي وجهة واحدة وللانفصال وجهات ،فبمقدورنا بالوجهة الاولى امتلاك قرار خيارنا بينما بالثانية لن نكون سوى مجرد أدوات. وبما اننا نعيش اليوم الذكرى الثامنة والعشرون ليوم الثاني والعشرين من مايو المجيد فإنني اجد فيها الفرصة المناسبة للتذكير بأهمية المراجعة مع النفس والتحلي بالمسؤولية لتصحيح المسار واختيار الوجهة الصحيحة التي تصون حقوق الجميع وتضمن المصالح وحق الشراكة في السلطة والثروة وتجنب البلد مخاطر التشظي والانقسامات المناطقية والطائفية.