تحل علينا, الذكرى التاسعة عشره لرحيل علم من أعلام جبل صبر والحزب الاشتراكي اليمني الفقيد المرحوم المناضل الشيخ / مهيوب سعيد عبدالله الشقب. ولد الرفيق المناضل الشيخ مهيوب سعيد عبدالله في قرية الشقب عزلة النجادة بمديرية صبر الموادم عام 1940م وتربى فيها مع أسرته وقد عرف الجميع الفقيد بتقديمه المصلحة العامة على المصلحة الشخصية طوال مسيرته الحافلة بالنضال. يعد الفقيد من الجيل الأول الذين أسسوا منظمة الفلاحين الثورين التابعة للحزب الديمقراطي الثوري اليمني في بداية السبعينيات من القرن الماضي مع كوكبة من المناضلين، منهم من قضي نخبه ومنهم من ينتظر وهم: الفقيد عبدالغني سعد ابراهيم والفقيد عبدالله احمد ابن احمد المعينة والفقيد محمد قائد مقبل كحلان والفقيد أحمد غانم الرهن والرفيق المناضل عبدالغني حِمَّدو والرفيق عبدالله هزاع محمد الحُناء والفقيد عبد المؤمن علي عبدالله ردمان الشقب والرفيق عبدالاله علي عبدالله والفقيد عبدالواحد محمد عثمان، وهناك الكثير من المناضلين لم تسعفني الذاكرة لذكرهم... تميز الفقيد بنضاله الوطني المناهض لكل اشكال الاستبداد والظلم. فقد أخلص للمشروع الوطني ولمبادئه ولخط نضال اتسم بالشجاعة والمقاومة الباسلة للاستبداد. وما يذكر عن الفقيد هو مقاومته للجهل. والذي كان يرى انه مجلب للمعاناة والبؤس. ولم تكن مجرد مقاومة نظرية بل تحولت القناعات الى فعل حيث قام بتحويل منزله الى مدرسة كمقدمة لبناء مدرسة تبرع بأرضها وظل يحث الأهالي على التعاضد لبنائها فكانت المدرسة الأولى في قرية الشقب وقد تخرج منها أجيال عديدة. ولم يكن مسعاه هذا خاليا من العقبات. فعندما بدأ بناء المدرسة, أدركت القوى الرجعية أن ذلك سيكون على حساب مصالحها ونفوذها فكانت تعمد إلى التسلل في الظلام وهدم ما يتم بناءه في النهار. لكنه تحدى ذلك واستمر بنضاله إلى أن أكتمل بناء مدرسة السعادة في الشقب. وبعد ذلك لم يتوقف قلبه المعطاء عن البذل والعطاء، فبدأ التفكير بمشروع يخلص الناس من مشقة السفر على ظهور الحمير وبدأ بالعمل على المتابعة لشق طريق تربط عزلتي النجادة والشقب بدمنة خدير المجاورة، حيث أقرب الطرق الرئيسية المؤدية الى عدن وصنعاء. كالعادة واجه عراقيل في مسعاه, وهذه المرة وقفت في وجهه سلطات محافظة تعز لأسباب سياسية. لكنه لم يرضخ فقد واصل نضاله كما ينبغي للعظماء ليلتف حوله الأهالي. وكان الأمر قد وصل إلى إرسال حملات عسكرية بهدف عرقلة المشروع، وفي الظاهر بحجة البحث عن أعضاء الجبهة الوطنية في الشقب التي كان قد أصبح يطلق عليها "كوبا" نظرا للمناخ السياسي السائد في المنطقة والذي كان يُعلي من مناهضة الاستبداد ومن المبادرة لهدم مترسبات النظام الاجتماعي. ولكن كل الحملات باءت بالفشل وانتصر الشيخ (مهيوب سعيد) فشقت الطريق وسافرت الأحلام واتسعت بالرغم من أن النظام الرجعي لم يكف عن الأذى وعمل بجهد وتعمد سافر على حرمان المنطقة من كل المشاريع الخدمية والتنموية. ظل الفقيد على درب النضال سائرا لم ينحني ولم يتوقف نضاله وعطائه وانحيازه لأبناء مجتمعه حتى أصيب بجلطة دماغية أدت إلى وفاته بتاريخ 15/ رمضان/1424ه الموافق 9-11-2003 م. فشيعه الألاف من أبناء المنطقة والمناطق المجاورة إلى مثواه الأخير وتم دفنه بجوار مدرسة السعادة التي أسسها. وبرحيله فقدت منطقة الشّقب وجبل صبر رجل عظيم وعلم من أعلام جبل صبر الذين تركوا بصمات واضحه ستظل الاجيال تتذكرها. رجل تشهد لهُ تلك الطرقات الممتدة على سفوح جبال وعرة وتلك المدارس التي صنعت الحرية والعلم ومشاريع أخرى ساهمت في تحسين حياة المواطن الريفي الذي كان محروما من أبسط حقوقه. فظل بذلك حيا في القلوب, قلوب البسطاء وابنائهم تحديدا. رحل الشيخ/ مهيوب ولكنهٌ حيٌ في القلوب لا يبددهُ ظلامٌ أو غروب. نسأل الله أن يكرمهُ ويجزيه خير الجزاء وأن يجعل الجنة مقره ومثواه وهو أرحم الراحمين.