الكل يركز على حل الخلاف الفلسطيني الفلسطيني بين «الحكومة والرئاسة» أو بين «فتح وحماس» من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية.. ومن يرون ذلك، من الفلسطينين، أو من العرب «الوسطاء» أو من الغرب.. إنما رؤيتهم وهم في وهم، فحكومة وحدة وطنية للسلطة الفلسطينية لن تحل الخلاف أبداً.. بل ستنقل الخلاف إلى دهاليز الحكومة؛ لأن الخلاف يكمن في اختلاف الأيديولوجيا بين حماس وفتح والرئاسة، وهو اختلاف جوهري وأساسي لا يمكن أن يذوب أو يتلاشى في ظل حكومة وحدة وطنية للسلطة الفلسطينية. لكن دعونا نسير مع حكاية تشكيل حكومة وحدة وطنية.. ونشكل هذه الحكومة.. ما الذي سيحصل: هل ستغير حكومة الوحدة الوطنية من وجهة نظر حماس، أو من وجهة نظر الرئاسة، وفتح؟. هل ستضيق حكومة الوحدة الوطنية من الخلاف بين الرئاسة والحكومة أم أنها ستوسع من الخلاف ليشمل فصائل فلسطينية أخرى ستدخل الحكومة بحكم أنها حكومة وحدة وطنية تضم كل الفصائل الفلسطينية.. وكل منها لها أيديولوجيتها، وموقفها من القضية، وطريقة حلها.. وهو ما سيؤدي إلى توسيع الخلاف ليشمل الفصائل كلها؟!. إضافة إلى ذلك فتشكيل حكومة وحدة وطنية.. هل سيكون حلاً للصراع.. وخاصة أن معظم أو الأغلبية في المجلس التشريعي الفلسطيني من أعضاء حماس الذي سيقف في وجه أي قرار أو موقف يتنافى مع رؤية حماس للقضية وطريقة حلها. في ضوء هذا.. فإن تشكيل حكومة وحدة وطنية لن يحل مشكلة الصراع الفلسطيني الفلسطيني بين الرئاسة والحكومة، أو حماس وفتح.. بقدر ما سيعمّق ويوسع من الخلاف ليشمل فصائل فلسطينية أخرى.. فتشكيل حكومة وحدة وطنية لن يغيّر من مواقف حماس التي لا تعترف بأي اتفاقات سابقة مع العدو الصهيوني، ولا عندها استعداد للاعتراف بالكيان الصهيوني، ولا عندها استعداد للتفاوض المباشر مع الصهاينة.. وهذا هو جوهر الخلاف بين الفلسطينيين، والسبب الرئيسي لعدم قبول الصهاينة والغرب بحكومة حماس التي ستظل بحكم أنها حكومة أغلبية منتخبة، وفي ظل حكومة وحدة وطنية على موقفها مما يؤدي إلى اختلافها مع أعضاء الحكومة من الفصائل الأخرى، وخاصة أعضاء فتح في الحكومة، وسيدعم موقف حماس الأغلبية التشريعية ليصبح الخلاف والصراع حكومياً يقود إلى فشل الحكومة وبالتالي انهيارها، وإعطاء المبرر للرئيس «عباس» باتخاذ قرار لحل الحكومة، والدعوة لانتخابات مبكرة، أو ترك الأعضاء من غير حماس للحكومة، وتقديم استقالات جماعية.. وعودة الوضع إلى ما هو عليه، وكأنك يا بوزيد ما غزيت. إذن.. ما هو الحل؟!. الحل هو أن حماس لن تستطيع الحكم وحدها أو في ظل حكومة وحدة وطنية، وعليها أن تدرك ذلك وتعي وتدرك أن دخولها الانتخابات كان خطأ فادحاً... وعدم إدراك منها إلى أن الديمقراطية برعاية أمريكا وهم.. واستمرار الوضع هكذا يعني الصراع حتى تنتهي فترتها الانتخابية دون أن تحقق شيئاً. والأفضل، ودون مكابرة، وعند أن تقرر حماس الانسحاب والعودة إلى كونها حركة مقاومة، وتترك الأمر لانتخابات مبكرة ليتولى من يفوز المفاوضات السياسية، وهي تدعم المفاوض بالسلاح.. قد يكون الحل ليس في صالح حماس.. لكنه في صالح القضية.