يبدو أن «كولومبولس» صاحب الأشرعة السحرية بدأ يتجه صوب العربية السعيدة بعد طول ترقب وحذر، من عواصف المتربصين وتجار الحماية الجاهزة، وقراصنة الفساد، على الرغم من كوننا معشر اليمنيين في طليعة المستكشفين للعالم القديم. شكل اليمنيون حتى وقت قريب رجال الاستثمار في الخليج العربي وشرق آسيا والولايات المتحدةالأمريكية وغيرها من بلاد العالم، وكنا في الحقيقة ننتظر عودتهم وحنينهم للوطن الأم وشعورهم بالمسؤولية التاريخية والحضارية والإنسانية، طال الانتظار وما عاد الابن «يوسف» ولا قميصه. بيد أن الغيوم التي تكاثرت من حولنا والتصقت بملامحنا حاولت تشكيل الزمن والواقع والظروف بددناها بحلمنا الكبير وإصرارنا الوحدوي على الولادة من جديد، لكننا تناسينا واجبنا تجاه حاضرنا ومستقبلنا؛ فتركنا العبث والفساد وعشاق التشوهات والخدع يلوكون ألسنتنا ويعصفون بقدراتنا وإمكاناتنا وسمعتنا، واعتقدنا سفهاً أننا شارفنا على الوصول إلى نهاية الأمل مع أننا لم نتجاوز بعد الخطوة الأولى. بلادنا معشر الاخوة والأصدقاء سلة استثمارية غنية بالتنوع تتعدد طاقاتها وبيئاتها وملامحها الطبيعية؛ تتوافر فيها متطلبات رأس المال الراغب بالأمان والاستقرار والعمالة والاستثمار الرابح وليس ذلك فحسب، بل حزمة التسهيلات التي يتضمنها القانون الخاص بالاستثمار. ومازلنا نطمح إلى القضاء النزيه وتنظيف الميزان اليمني من الشوائب اللاصقة به والمسيئة إلى سمعته. وقد سبقت التحضيرات اللازمة لإنجاح مؤتمر استكشاف فرص الاستثمار في بلادنا حملة واسعة النطاق لتنظيف البيت اليمني من الفئران والقوارض البشرية التي شكلت على الدوام مصدر ضعفنا الوحيد، ونقطتنا السوداء التي لوثت السجل التاريخي الناصع البياض،. ومازلنا نواصل العمل الجاد من أجل استثمارات آمنة وترسيخ قواعد ثابتة لاستقرار رأس المال العربي والدولي في اليمن الجديد. علينا أن نستكشف بشكل موازٍ مع هذا المؤتمر أنفسنا ومواطن ضعفنا، وليس عيباً أن نشخص العلة ونعالجها بحزم ومسؤولية ولو تطلب أن يكون آخر العلاج الكي بالنار، لأن حاضر الوطن ومستقبله مرهون بمصداقيتنا وقدرتنا الذاتية على تحقيق الاجتثاث الكامل للفساد وزبانيته ومصادره وقواعده وداعميه مهما كانت النتائج.. ونحن على ثقة بأن فخامة الأخ الرئيس قاد ولايزال هذه المعركة المنتظرة أيضاً بجدارة واقتدار ومعه المجتمع كله إلا الفاسدين.