سألت صديقاً لي في لقاء جمعنا معاً عن جار له فتحول اللقاء إلى فراق ، وليتني ما سألته .. قال : المسئول لايزورني إلا لحاجة أقضيها له. فقال آخر : أمر طبيعي لأن حاجة الصديق لا تكون إلا في وقت الضيق. قال الجار : ليس ذلك المراد ولكن اكتشفت أنه إنسان ذكي جداً يتمتع بمرونة عجيبة ، ولاعب ماهر يجيد كل الأدوار ، يكرس ذكاءه لمنافعه الشخصية ولإيقاع الفتن بين الزملاء ، حيث إنه يزيف الواقع برمته مقابل لقاء تحقيق مصالحه الشخصية بل نجده يضحي بكل أصدقائه في سبيل تحقيق مصالحه الذاتية.. قلت : أعرف أنه مثالي فكان الرد : هو يستخدم الواقعية والمثالية تبعاً للحالة أو الموقف والفائدة ، بحيث تخدم أهدافه المرحلية ، ويزين الواقع بغية إقناع زملائه بما يخدم مصالحه ، وهو في الحقيقة العدو اللدود ويبذل كل جهده لكي لا تظهر حقيقته. قال آخر : أعرف أنه ذو شخصية بارزة ومرموقة ، ويتمتع بصلاحيات واسعة وسلطات تجعل الكثيرين يتهافتون عليه. فقال الجار : صحيح لأنه مجرد من أي مبدأ أو عقيدة أو فكرة وسرعان ما ينقلب على ادعاءاته ولا يمانع من الخروج عن الجماعة التي يدعي الانتماء إليها ، ويتصف بصفات الغدر والخيانة للفئة أو الحزب الذي ينتمي إليه أو حتى لبني جلدته أو لأبناء شعبه... كان في الإخوان ثم انتقل إلى الحق ثم الاشتراكي. فقلت للجار : (مداعباًّ) وغداً للمؤتمر مثلك ، غضب صاحبي وترك المجلس. ومن صحيفتنا المفضلة (الجمهورية) أعتذر لك أيها الصديق وأعترف أنك إنسان بطبعه ، تتحمل كل شيء في سبيل مبادئك شجاع وموضوعي ، لا تبني حياتك على شقاء الآخرين بل تضحي بسعادتك في سبيل تحقيق الأهداف وترى سعادتك في سعادة الآخرين أعرف أنك ناقد متحرك ، سلاحه الحقيقة التي يكرس كل حياته للكشف عنها وإظهارها للناس ، لا تقبل الظلم والقهر ، يدرك الجميع أنك بطل القانون .. أيها الأخ يعلم كل من يعرفك أنك تنقل الواقع إلي فكر الناس، ولكن أعتذر على قولي فقد أخشى عليك احتمال تشويه الواقع في وعي الناس وهذا وارد بغية طلب العظمة لأنك في الأخير إنسان. ياعزيزي ليس جارك وحده من يحمل صفات خسيسة فهناك أصناف من البشر يبدون مهارات كافية للعب على الحبال متى حتمت عليهم مصالحهم الشخصية والذاتية ، فالأنانية هي الصفة البارزة لدى أمثال هؤلاء فمنهم من يلبس ثوب الوطنية في حين يلهث وراء مصالحه وعلى منافع مادية أو بغيته تبوء مناصب رسمية أو من أجل تحقيق الشهرة وهؤلاء موجودون فعلياً ولا يزالون يمارسون لعبة التدليس وخداع الذات . فهل صفحت عني ؟ أرجو ذلك.