يُروى عن الإمام الشافعي «رضي الله عنه» أنه وافى صنعاء مع رفيق له،أوان الإفطار،وكانت أغلقت بوابة سورها الشهير،ففرشا مائدة الإفطار وعليها دجاجتان،وقاما للصلاة .. جاء ثعلب وخطف إحدى الدجاجتين،ولما فرغا تلفتا بحثاً عنها فتبينا في خفوت الضوء ثعلباً وفي فمه مايشبه الدجاجة،فهبا لمطاردته ولم يوفقا. وكانت المفاجأة عندما عادا ليفطرا بالدجاجة «الثانية» فيكتشفا أن صاحبنا قد خطفها تاركاً وراءه «كربة» نخل،هي تلك التي كانت في فمه واستخدمها في خداع الشافعي وصاحبه. ولأن الشيء بالشيء يذكر كما يقال فقد أعادت إلى ذهني هذه الطرفة حقيقة مرة مفادها أن هناك فئة من المسئولين ومديري العموم بالمحافظات،يفوقون ثعالب اليمن مكراً ودهاءً عندما يستمرئون مثل هذه الخدع الثعلبية مع بعض وزاراتنا الرشيدة،وفي ظل المركزية الشديدة،وحيث تبسط موائد الموازنات والاعتمادات مع بداية كل عام وغالباً ماتحتوي على دجاجتين سمينتين هما:المصروفات التشغيلية،واعتمادات المشاريع. في البداية يعمد هؤلاء الثعالب إلى الدجاجة الأكثر سمناً فيختطفونها في حين تنشغل الحكومة بأحزاب المعارضة ومناوشات قوى الخارج أو أي مستجد يطرأ على الساحة اليمنية،ليلتهموا منها الأفخاذ والصدر. ومع نهايات كل موازنة،وعندما تتفرغ لهم الحكومة،ويتناهى إلى علمها أن هذه الدجاجة ضلت طريقها إلى كروش وجيوب تلك الثعالب،فتتصل بالسلطة المحلية،سرعان مانجد أولئك يلوحون بماتبقى منها على مرمى من أبواب السلطة المحلية التي تهرع لاستعادتها فتنشغل بهذا الأمر،ليتسنى لثعالب الفساد اختطاف الدجاجة الثانية بالكامل بعد أن يتركوا خلفهم بقايا الدجاجة الأولى لكي تتعزى باستدراكها سلطتنا المحلية،من دون أن تعلم أن ما اختفى كان أعظم. وهكذا تستمر مثل هذه الخدع الثعلبية بعد أن تُساوى مسائل الخطف أو الهبر أو الابتلاع بين طيات التقارير السنوية المموهة والتي عادة ما تُختتم بجمل مثل:«والشكر موصول لمعالي الأخ الوزير الفلاني،ومعالي الأخ المحافظ العلاني،والله الموفق» مشفوعة بصور لمقتطفات صحفية تشيد بنشاط وجهود هذا الثعلوب أو ذاك،وأغلبها «خبابير» مدفوعة الثمن. لذا لاغرابة من أن نجد بين ظهرانينا من اشباه هؤلاء الثعالب،من لم يتحمس لخطوتي انتخابات المحافظين،ومنح صلاحيات أوسع للمجالس المحلية،ليقينهم أن مثل هذه الخطوات لو تمخض عنها محافظون على قدر من الجدارة ولهم قدر من الصلاحيات الواسعة ومثلها للمجالس المحلية كي تمارس الرقابة والمتابعة في اعقاب انتخابات 17 مايو المقبلة فإنهم لامحالة منكشفون، وأن عليهم أن «يُبَطِّلوا» مثل تلك الخدع والفهلوة الثعلبية،وإننا لمنتظرون.