تناقلت الوسائل الإعلامية في بلادنا خلال الفترة الماضية أن لقاء موسعاً للبعثات الدبلوماسية اليمنية في الخارج كان سيتم عقده أواخر الشهر الماضي .. ومن خلال الصحف والمواقع الإخبارية حاولت جاهداً متابعة انعقاد ذلك اللقاء الذي رتبت له وزارة الخارجية، لكنه لم ينعقد على حد علمي ، حتى هذه اللحظة، من دون شك، هناك مستجدات محلية وإقليمية ودولية تطلبت الإعداد لعقد هذا المؤتمر الهام، وأجزم شخصياً بأننا بحاجة ماسة لعقد مثل هذا اللقاء للوقوف على حقيقة الدور الذي تقوم به بعثاتنا الدبلوماسية في ظل ارتفاع الأصوات المتذمرة من أداء العديد من بعثاتنا الدبلوماسية في الخارج ، وأعتقد أن ترتيب هذا الاجتماع جاء استجابة لتلك الشكاوى المُرّة التي كشفت قصوراً في الأداء يحدث في العديد من سفاراتنا في الخارج. إننا لا ننكر بأن العمل الدبلوماسي في بلادنا قد تطور وأصبح أفضل بكثير عما كان عليه في العقود الماضية، لكن من حقنا أن نناقش مستوى ارتباط العمل الدبلوماسي الخارجي لبلادنا بعملية التنمية المحلية، وهل للدبلوماسية الخارجية اليمنية ارتباط بتحقيق أهداف اقتصادية ؟ هذه القضية أصبحت هي محور العمل الدبلوماسي في عالم اليوم ، وأصبحت الدول من حولنا تتعامل وفقاً لهذا الهدف؛ لأن الجانب الاقتصادي أصبح يحتل المرتبة الأولى في اهتمامات وتحركات معظم دول العالم؛ بحثاً عن حلول لمشاكل ومعاناة شعوبها. وحقيقة فأنا أطرح من على هذا المنبر هذه الأسئلة المنطلقة من وحي هذا التوجه العالمي الجيد: ماهي الأهداف التي نريد تحقيقها من وجود سفارات وبعثات دبلوماسية لبلادنا في الخارج؟ وهل هناك أهداف تم رسمها وتحديدها سلفاً تقوم بتنفيذها بعثاتنا الدبلوماسية وفقاً لبرنامج زمني واضح ومحدد وذي علاقة بالجانب الاقتصادي ؟ ومن جانب آخر، هل تطورت وظيفة بعثاتنا الدبلوماسية وواكبت التطورات التي يشهدها الوطن في مختلف الميادين وبالذات في الجانب التنموي بمفهومه الواسع ؟. هذه الأسئلة تفرض نفسها في ظل التوصيفات الجديدة للعمل الدبلوماسي التي تبنتها كل دول العالم حولنا، ففي عالم اليوم ارتبط التمثيل الدبلوماسي للعديد من الدول بإنجاز عائد اقتصادي للدولة، وإذا لم يكن هناك مشاركة في هذا الجانب للبعثة الدبلوماسية فإن الكثير من الدول لا تتحمس لاعتماد بعثة لها في تلك الدولة التي لا ترتبط معها بشراكة اقتصادية، وبالنسبة لنا فلدينا ولله الحمد سفارات في معظم دول العالم أشبه بمقرات العاطلين الذين يقضون يومهم ينظرون للأفق، ويحلمون بالركوب على السحاب ، وكذلك توجد لدينا سفارات في بلدان لا تربطنا بها أية مصلحة لا من قريب ولا من بعيد؛ لأن الوظيفة في العمل الدبلوماسي بالنسبة لدولتنا أصبحت مسألة شكلية و«تحصيل حاصل» وليست مرتبطة بمستوى الإنتاج والنمو الاقتصادي لبلادنا. ووفقاً للتوصيف الجديد للعمل الدبلوماسي فإن العديد من البلدان تحدد أهدافاً واضحة تقوم بتنفيذها بعثاتها الدبلوماسية في الخارج ، ويتبع ذلك محاسبة دقيقة لمستوى تنفيذ الأهداف التي حددتها الدولة سلفاً، وبالنسبة لبلادنا فوجود أهداف اقتصادية واضحة لكل بعثة دبلوماسية سيؤدي حتماً إلى الدفع بعملية التنمية المحلية قدماً نحو الأمام وسيساعدنا كثيراً في التغلب على العديد من الصعوبات في الجانب الاقتصادي، إننا حقاً في أمس الحاجة إلى سفارات اقتصادية تمثلنا في الخارج تشارك مشاركة أساسية في عملية التنمية التي يشهدها الوطن .. وكان الله في عون المخلصين.