ما من يوم يمر بغير سماع «نحيب» المسئولين الحكوميين على البطالة، حتى اقتنعنا أن «كل علة أمها وأبوها البطالة» غير أننا اكتشفنا مؤخراً، أن القانون وحده الذي يعاني البطالة، وأن أسواقنا غارقة بالعمالة الأجنبية!! يبدو لي أن معالي وزيرة العمل لم يسبق لها أن قادت سيارتها في شوارع العاصمة لترى حشود المنظفين وهم يتسابقون إلى السيارات أملاً بفرصة تعود عليهم بوجبة طعام.. وإلاّ فمن الغريب حقاً هذا الغزو المريب لشركات النظافة التي لا توظف غير العمالة الأجنبية، وكأن اليمن فرغت ممن يجيدون التنظيف، أو كأن ملاك النظافة حل في البلد، فاستنفذت كل المنظفين. قبل عشرة أيام وجد (52)عاملَ تنظيف يمنياً أنفسهم في الشوارع بعد أن طردتهم شركة الخطوط الجوية اليمنية واستبدلتهم بعمال (بنغال) - أي مستوردين من بنغلادش.. وحين تواصلت مع «اليمنية» قال المسئولون: إن الذنب ليس ذنبهم، لأنهم تعاقدوا مع شركة نظافة يمنية، والشركة هي صاحبة الحق بمن توظف.. وهكذا أرجو من الحكومة إضافة (52) أسرة إلى قائمة الفئات الأشد فقراً، وبرامج مكافحة البطالة..! كما ألفت عناية قسم التحكيم بوزارة العمل إلى أن الكويت احتفلت منذ أشهر بخروج آخر عامل «بنغالي» لكونهم من العمالة الآسيوية الأكثر تسبباً للمشاكل..! في مطلع العام الجاري أثيرت في محافظتي عدن والحديدة مشاكل مماثلة بعد قيام الموانئ بطرد عمال الخدمات اليمنيين واستبدالهم أيضاً بعمال بنغال.. لأن جميع دول الخليج تنفذ خططاً للتخلص من العمالة البنغالية فقاد ذلك إلى انخفاض أجورها.. ولكنهم محظوظون إذ وجدوا في اليمن من يتلقفهم بشهية الصائم!! ولا أدري إن كانت وزارة العمل وجدت حلاً لمشكلة الخمسمائة عامل الذين وفدوا إليها، وادعوا «بسيناريو ظريف» أنهم ضحية عملية نصب!! من يتجول في العاصمة صنعاء لابد أن تذهله ظاهرة نادلات المطاعم الفلبينيات، والمطاعم التركية والصينية والعراقية والشامية وغيرها.. وسيجد في كل مهنة عمال أجانب.. حتى خادمات البيوت، والفلاحين العاملين في حدائق البيوت والشركات.. وسبق أن كتبت عن العربية التي تعمل في مكتب حكومي تقدم الشاهي للضيوف! نحن نعرف أن اليمن غضت الطرف عن بعض العمالة العربية من جانب إنساني لكون دولهم منكوبة.. ولكن ليس من المعقول أن يتحول وجود العامل الأجنبي أو العربي على حساب طرد عامل يمني وتشغيله مكانه.. فهذا ظلم ما بعده ظلم..! فإذا كانت الدولة تشكو أن عمالتها غير مؤهلة فلماذا إذن تقطع عليها الطريق وتحرمها حتى من فرص العمل التي لاتتطلب خبرة!؟ فهل ثمة بلد في العالم يشكو من أعلى معدلات الفقر على مستوى العالم ويستورد منظفين «مكنسين»!؟ وشغالات!؟ وحمالين في الموانئ؟ وحراساً على أبواب الشركات!؟ وأتساءل هنا: أليس قانون العمل يمنع منح أية تراخيص عمل للأجنبي الذي يوجد نظير لتخصصه من اليمنيين!؟ أليست قوانين الاستثمار تنظم نسب العمالة اليمنية لدى الشركات المستثمرة!؟ ألم يبلغ مسامع المسئولين الحكوميين نبأ الأعمال التي تنفذها القبائل في شبوة ومأرب من أجل فرص العمل لدى الشركات النفطية!؟ ربما على اليمن أن تتذكر أنها بلد حاضن لأكبر الهجرات الأفريقية الشرعية وغير الشرعية، وأن عشرات آلاف اللاجئين يضافون سنوياً إلى إحصاءات الفئات التي تدخل سن العمل.. فما بالكم وقد فتحنا شركات لاستيراد العمالة الآسيوية من ذوي المهارات والكفاءات العلمية العالية في التنظيف والتحميل والحراسة!!.