في البداية نهنئكم على خطواتكم الأولى فقد أحدثت زياراتكم لبعض المواقع ظرفاً طارئاً وهزة للوسط الإداري، نعم لقد أظهرتم التغيير في التكتيك في لغة خطابكم أيها الأستاذ حمود خالد الصوفي، حركتكم الجميع يتناقلها ولكن اسألكم: ماذابعد؟ فهل لديكم القدرة على الفعل واستغلال الظروف الحالية للإصلاح الإداري؟ لانشك في الأمر وإنما ننبهكم إلى سرعة استغلال هذا الظرف بما يتناسب مع ماأنزلتموه من مهابة كانت مفقودة وحيث يترقب الجميع اصلاح شؤونكم الداخلية بتقديم القدوة في التعامل مع الإدارة والمال العام،وحيث قد أصبحت الظروف مواتية لمكافحة الفساد بعد أن وجه رئيس الجمهورية علي عبدالله صالح رسالة إنذار وتحذير ووعيد إلى المفسدين بشن حرب شعواء عليهم، ومنح الصلاحية الكاملة للسلطة المحلية في القضاء على الفساد وتحسين الأحوال المعيشية للمواطنين. الكل يعتقد أن لديكم القدرة والشخصية المهابة التي ثبتت بعد حركتكم الجادة في ضبط الدوام الرسمي ومكافحتكم لظاهرة الغش في اختبار الشهادات العامة، ولهذه الهيبة استعد الجميع للتعاون معكم واستعد الفاسدون لمواجهة مصيرهم المحتوم، كانت تصرفاتكم أقل ما نقول عنها إنها أعادت للخطاب المحلي مصداقيته وهيبته وللمجالس المحلية احترامها. أيها الأخ المحافظ إنك تحتاج إلى عون بالنصح لا إلى الكثير من النقد وعليه نقول لك: إن الفساد لا يتحقق بمجرد النصائح والإرشادات الخالية من الثواب والعقاب، يجب أن يكون فعلكم ثواباً حسناً يناله الملتزم، وعقاباً يناله المخالف، لقد شعر الجميع أن لديكم القدرة في استغلال هذه الظروف لتضربوا على الحديد وهو ساخن لأنه بعد أن يبرد الحديد لايكون للضربات أي تأثير مهما كانت قوتها، ولقد أسرع من خشي على نفسه من التغيير والمحاسبة إلى مغازلتكم ليبارك خطواتكم ويهنئكم على الثقة وعلى التوجه الصادق، وفي نفس الوقت يكاد ينخلع فؤاده من صدره، وقد اضطرب فكر الفاسدين وتشوش بالهم وربما يئسوا من الخلاص فاستسلموا لمصيرهم، والأجمل أن هؤلاء توقفوا لأول مرة عن استغلال سلطاتهم حذراً وأخذاً للحيطة ودفعاً للضرر المتوقع، إنه خوف ليس مشوباً باستسلام وترك، ولكن انتظار وترقب ورصد لتحركاتكم، وفي أثناء ترقبهم يحللون الفعل ورد الفعل، وتقرير الجهاز المركزي للرقابة والمحاسبة لعام 2007م فعل، وكيفية تعاملكم معه رد فعل. هل سيحيل كل من تورط في فساد من موظفي المحافظة إلى نيابة الأموال العامة ومن ثم إلى المحاكمة العادلة دون استثناء؟ وهل سيتم توقيف المتهم تأديباً عن العمل لنزع «الهنجمة» المرتبطة بالسلطة حسب القانون؟ وهل ستسحب منه سيارة الدولة والمرافقين حتى يظهر الحق من الباطل؟ أم سيفتح لهم صفحات جديدة؟ أو سيتوقف الأمر عند رد الجهات المشار فسادها على تقارير الجهاز وتحفظ الملفات للتاريخ الذي سيسطر عنكم السلبية؟ وكذلك الفعل ورد فعلكم فيما تنشره الصحف من معلومات «كاذبة أو صادقة» عن الفساد؟ ننصح أولاً أن تتولى العلاقات العامة في ديوان المحافظة بمراقبة الرأي العام وتحليل كل ما ينشر عن المؤسسات والمصالح والإدارة والأقسام التابعة لها، ثم ترفع للإدارة القانونية في الديوان لتتحقق وتتحرى وتتخذ الإجراءات القانونية، وتطلب من كل من اتهم إثبات براءته بالرد وبرفع دعوى على الصحيفة أمام القضاء، ثم نشر الحكم من أجل الحفاظ على سمعة الوظيفة العامة؟ أم سيكتفي بالقول «القافلة تسير والكلاب تنبح» قد لا تتوقف القافلة من شدة النباح لكنها ستتباطأ في السير، ومن ينشر عنه أو عن المؤسسة التي يديرها ولم يتمعر فقد صدق فيه الحديث «إذا لم تستح فاصنع ماشئت» إن الكل كما ذكرنا لكم يترقب والكثير من العابثين قد يتوقف عن استغلال السلطة للمصلحة الخاصة وحتى تظهر الصورة الحقيقية للقادم هل هو أسد حقيقي؟ أم صورة أسد؟ ولاستمرار الهيبة المحدثة من فعلكم ننصح تعزيزها بمواقف رادعة للفئة التي تتلاعب بمقدرات الأمة، وتنشر ثقافتها التبريرية لممارستها النفعية في أوساط المجتمع. فالفساد أصبح اليوم من أخطر الآفات التي تنخر في أوصال المجتمع وأسسه، ومعولاً هداماً يعمل في القضاء على ما تبقى من القيم والمبادئ، ولتحقيق كل ذلك نكرر النصح لك بأن تضرب بقوة على كل عابث والحديد لايزال ساخناً، أيها المحافظ إنك أكثر منا معرفة بأن الفاسد يستطيع أن يزيف الواقع برمته مقابل مصالح شخصية ويضحي بالمصالح الاستراتيجية للأمة والوطن في سبيل تحقيق مصالحه الذاتية، لقد عرفنا في هذه المحافظة أشخاصاً يستخدمون الواقعية والمثالية تبعاً للحالة أو الموقف أو الفائدة، فهم يعملون على أن تتطور أدوات المجتمع دون تطور لغته المرافقة بوصفها نتيجة طبيعية لتطور الأدوات بحيث يخدم ذلك حياته ويسعى إلى تجميد المفاهيم وفبركتها بحيث تخدم أهدافه المرحلية، ويزين الواقع بغية إقناع المسؤولين بما يخدم مصالحهم، وغالباً مايكون مثل هؤلاء ذوي شخصيات جذابة ومثيرة، وربما يتمتعون بصلاحيات واسعة وسلطات تجعل الكثيرين يتهافتون عليهم، رغم أن الكل يعلم أنهم فاسدون بل يتصفون بصفات الغدر والخيانة لعملهم ولبني جلدتهم.. فهل ستقول كفاية وألف كفاية لهؤلاء؟