كلنا نحن العرب متألمون من الأوضاع القائمة في العالم العربي، وكلنا نتوق إلى مجتمع أفضل وأحسن، ولكنا نشعر أن رزايا تاريخنا الحاضر أثقلت على أوضاعنا القائمة، حتى إننا أمام أوضاع جمهورية وأوتوقراطية وأوضاع ملكية لا مرجعية لها في تاريخ الملكيات العربية، وتشوهت حتى الحاكمية، بمعناها الادعائي الجمهوري والسلطاني معاً، هذه آلامنا المشتركة جميعاً. قرأت مؤخراً كتاباً لأحد المفكرين اليهود يقول فيه: لا يوجد شيء اسمه مجتمع إسرائيلي، ولا جنسية إسرائيلية في هذه الدولة التي تدعي أنها علمانية واسمها إسرائيل، فهي دولة تميز بين من يحملون الجنسية الإسرائيلية، وهي دولة ما زالت مشدودة بخيط رفيع وقوي جداً بالاستيهامات الدينية التوراتية، وبما يسمى بالديانة اليهودية، لكنها في نهاية المطاف تفرق بين يهود الأشكيناز والسفرديم، ناهيك عن الفلاشا والعرب، وقوانينها متضاربة من الداخل، وحالة الوحدة القائمة من داخل هذه الدولة أقرب ما تكون إلى وحدة الخوف منها إلى وحدة الرؤية، مع الإقرار بكثير من النجاحات التي يعملونها بسبب الإخفاقات العربية أساساً. فإذاً، إسرائيل بحد ذاتها مشكلة توصيفية، مشكلة جغرافية، مشكلة تاريخية، هي تركيز مكثف لمشاكل كونية وعالمية منبعها القارة العجوز أوروبا وامتداداتها في الولاياتالمتحدة، وضحاياها العرب وغير العرب ممن يتعاملون مع هذا الوضع الغرائبي غير السوي. ولهذا السبب كلنا نتعامل مع اليهود شئنا أم أبينا، أنا لا أتكلم عن اليهود بالتعميم الإطلاقي ولا بالتعميم الثقافي، أنا أتكلم عن الصهاينة الذين يحملون جوازات سفر غير إسرائيلية، كبار الصهاينة يحملون هذه الجوازات ولا يعيشون في فلسطين .. هناك أصوات من اليهود الذين يعيشون في فلسطين بوصفهم إسرائيليين يتحدثون بصوت عالٍ جداً ضد هذه المؤسسة وخرائبها.