درجت العادة عند الكثير من الآباء وأرباب الأسر ممن لايقدرون على تلبية متطلبات أطفالهم في العيد من ملابس وغيرها من المتطلبات بأن يردوا على إلحاحهم ومطالبتهم المستمرة بعبارة أضحت اليوم مثلاً متداولاً بين الناس وهي بأن «العيد عيد العافية» بمعنى أن أكبر عيد هو أن تتمتع بصحة جيدة خالياً من الأمراض والأسقام باعتبار أن الملابس والمال لاتجدي نفعاً إذا مادخل الشر جسم أحدهم، والبعض أخذ هذه العبارة من باب التخلص من المسؤولية الملقاة على عواتقهم تجاه أطفالهم وأسرهم فما إن يطلب منهم طفل من أطفالهم شراء كسوة العيد سرعان ماتكون هذه العبارة هي الرد السريع على ذلك في وقت ينفق هؤلاء المبالغ الطائلة على القات والسهر وغيرها من النفقات غير المجدية وهي مبالغ تذهب هدراً لاتسمن ولاتغني من جوع. العيد فرحة إذا ماأراد الواحد منا أن يشاهدها في أبهى صورة وأكمل وجه فعليه أن يطالع قسمات وجوه الأطفال وصغار السن كون هؤلاء هم من تظهر عليهم مباهج هذه الفرحة ولذلك من الضرورة الحرص على تلبية كل احتياجاتهم ومتطلباتهم العيدية التي يمثل توفيرها لهم الفرحة الحقيقية بالعيد ولذلك اعتاد الجميع على شراء الملابس الجديدة وصنع الحلويات وشراء المكسرات وغيرها من الطقوس التي يكون لها خصوصية مرتبطة بالعيد. وفي خضم الأجواء الاحتفالية التي تشهدها شعوب الأمتين العربية والإسلامية استعداداً لاستقبال عيد الفطر المبارك الذي يهل علينا هلاله بعد ساعات معدودة ومنها بلادنا نلمس حراكاً ونشاطاً تجارياً منقطع النظير في أسواق الملابس والحلويات واللحوم وغيرها من المجالات التي تنتعش في هذه المناسبة وتجد الجميع يحرص على اقتناء الملابس ومصروفات العيد كتقليد سنوي في عيدي الفطر والأضحى المبارك أعظم الأعياد عند المسلمين وأشرفها. وفي هذه المناسبة تبرز الضرورة والواجب الحتمي بمراعاة أحوال الأسر الفقيرة والمحتاجة والأطفال اليتامى ممن لايمتلكون الاستطاعة على الحصول على احتياجات ومتطلبات العيد الضرورية ليشعروا بفرحة العيد وبهجته وأنواره لايقلّون في ذلك عن بقية أطفال الميسورين من خلال منحهم المساعدات المالية التي من شأنها تلبية كل متطلباتهم على الوجه الأكمل دونما نقص أو فتور بطريقة تحول بينهم وبين الإحراج والتشهير فمثل هذه الأعمال تتطلب الكتمان وعدم المجاهرة بها أمام الناس مراعاة لمشاعر وأحاسيس هؤلاء وأطفالهم ولابد هنا أن توسع الجمعيات والمؤسسات الخيرية الفاعلة والنشطة التي دأبت سنوياً على توزيع كسوة العيد والأضاحي من حجم نشاطها لتشمل مناطق أكبر وحالات أكثر كونها فعلاً تسهم في تقديم خدمات إنسانية جليلة يستحق القائمون عليها كل الشكر والتقدير والعرفان وحري بالإخوة في وزارة الشؤون الاجتماعية العمل على مضاعفة الدعم الممنوح لها وتوفير التسهيلات والإمكانيات اللازمة لمزاولة أنشطتها الخيرية، وأعتقد أنه آن الأوان أن تبادر الوزارة إلى مصادرة المبالغ المالية التي رصدتها للجمعيات الخيرية الوهمية والمجمدة والتي اقتصر نشاطها على الحصول على الترخيص الرسمي وذلك بهدف استغلاله لتحقيق مصالح وأرباح شخصية ضيقة وتحويلها لحساب الجمعيات الفاعلة والنشطة في الساحة المحلية على مدار العام في جوانب شتى ومجالات مختلفة تنفق عليها مئات الملايين وأخص هنا على سبيل المثال لا الحصر مؤسسة الصالح الخيرية وجمعية الإصلاح الاجتماعي الخيرية بصفتهما أكثر الجمعيات والمؤسسات الخيرية عطاءً وبذلاً وسخاءً في الأعياد والمناسبات الدينية على وجه الخصوص في عيد الأضحى وعيد الفطر المبارك وكم أتمنى أن تقتدي بقية الجمعيات ومنظمات المجتمع المدني ذات الاهتمام بالجانب الخيري بهما من أجل المنافسة الشريفة على فعل الخير ورسم ملامح الفرحة والسرور على وجوه الأطفال اليتامى والفقراء والمساكين ممن يستحقون الصدقة ومد يد العون لهم لينعموا بستر الحال في مناسبات رفع المولى عز وجل من أجر وثواب من يجود فيها على المحتاجين والمستحقين.. للحيلولة دون الاستعانة بعبارة «العيد عيد العافية» من قبل البعض لقلة الحيلة وبساطة الحال في ظل ظروف معيشية صعبة يكاد ينطبق عليها قول أبي الطيب المتنبي: عيد بأية حال عدت ياعيد بما مضى أم بأمر فيه تجديد أما الأحبة فالبيداء دونهم فليت دونك بيداً دونها بيد وعيد سعيد على الجميع وعساكم من عواده في خير وصحة وسلامة. وكل عام والجميع بألف خير.