من الطرائف التي تظل راسخةً عادةً في ذاكرة من يزور بلدان المغرب العربي تعريف العالم الاجتماعي الشهير التونسي المولد ابن خلدون للمغرب العربي بأنه «من حيث تبدأ أكلة الكسكسي وحيث تنتهي». والكسكسي أكلة شعبية شهيرة ولذيذة دخلت حتى إلى قائمة المطابخ الأوروبية وتعد من الوجبات التقليدية التي تميز بلدان المغرب العربي الخمس ليبيا وتونس والجزائر والمغرب وموريتانيا، وبناء على هذا التعريف خرجت مصر من قائمة البلدان المغاربية رغم مجاورتها للجماهيرية الليبية، وكان لهذا التعريف الحضاري امتداده الدال جغرافياً إلى يومنا هذا.وبالأمس احتفل التونسيون الأشقاء بذكرى السابع من نوفمبر عندما استلم الرئيس زين العابدين بن علي دفة الحكم في ذلك البلد الشقيق الجميل الذي وطأته أقدامنا لأول مرة كطلبة يمنيين عشية الاحتفال بالذكرى الأولى للتغيير فكان مرأى الاحتفالات التي استقبلتنا على غير ميعاد من الذكريات الجميلة التي يصعب على أيٍ منا نسيانها.ومن أول وهلة بدا لنا الشعب التونسي شعباً كريماً مضيافاً وودوداً بل لقد آثرنا أناسٌ لا نعرفهم بأسرّتهم وفرشهم على ضيق مسكنهم طيلة ثلاثة أيام كاملة، وحظينا باستقبالهم في بهو مطار قرطاج لأننا فقط حملنا لهم توصية من شخصٍ تونسي أيضاً مقيم في اليمن تعرفنا عليه عرضاً في رواق معرض صنعاء الدولي للكتاب وجرى بيننا حديث علم هو من خلاله أننا نقصد تونس للدراسة قريباً.وفي الواقع إن لتزامن وصولنا إلى تونس الخضراء للدراسة بهذه المناسبة تأثيراً ساحراً لا نملك صرفه عن أيامٍ غايةٍ في الجمال قضيناها بحلوها ومرها في بلد أدهشنا نمط التنمية فيه في غياب ثروات طبيعية مثل النفط والغاز أو المعادن المختلفة.ورغم وجود الثروات النفطية في تونس بنسبة قليلة فإنها لا تجعل المتابع الفطن يعزو التطور والتقدم الذي شاهدناه إلى هذه الثروات، بقدر ما يجعله يطمئن غاية الاطمئنان إلى أن العقل العربي في تونس لم يعجز عن ابتكار وسائله الخاصة في التخطيط والتنمية الجادة، وقد مهّد بنفسه طريقته المثلى التي جعلت من بلد جميل صغير المساحة مثله محط إعجاب العرب والأجانب على حدٍ سواء.ونحن اليوم كما كنا نقول دائماً لمن عرفنا وأحببنا من أهلنا في تونس بأننا سنكون خير سفراء لبلد فتح لنا جامعاته ومعاهده العليا دون تمييز، بل ربما حظينا بما لم يحظ به أبناؤه أنفسهم من الرعاية وتوفر الخدمات والترحيب بنا كيمنيين خاصة أينما حللنا، ولن يكون إعلاننا جمعية الإخاء اليمنيالتونسي قريباً إن شاء الله سوى محطة جديدة ومضافة ينطلق منها قطار التواصل اليمنيالتونسي بسرعة أكبر وبمنافع أفضل لكلا البلدين اللذين تشابهت ألقابهم فلا تكاد تعرف من خلال دليل الهاتف هناك أنك في صنعاء أم في تونس؟.وكم نحن متشوقون لزيارة تونس مجدداً فقط لنقول لأهلها الكرام ممن عرفنا: إنكم دائماً في قلوبنا وعقولنا، وكي نعمل أيضاً وباستمرار على نقل تجارب رائدة لهم إلى بلدنا والاستفادة منها، ولا بد من تونس ولو طال السفر[email protected]