جرت العادة أن تفتح الأنشطة الرسمية الشعبية باباً للارتزاق وتبذير أموال الدولة، وهو ما لاحظه فخامة الرئيس - حفظه الله - أثناء انعقاد المؤتمر السابع الذي عقده في صنعاء مؤخراً، ولا نعرف الأرقام التي ستصرف لانعقاد المجالس المحلية.. ولا بأس أن تصرف مبالغ للمصلحة العامة، ولكن لابد من دراسة الجدوى قبل الصرف، لابد من تخطيط. وسمعت أن بعض الذين حضروا المؤتمر السابع استلموا فقط ثلث المبلغ وردّوا الباقي ورعاً منهم ودليلاً على النزاهة والإخلاص الصادق لله ولرسوله والوطن. وليست هذه (حنبلية) زائدة ولكنها مثل لسلوك محترم، وقليلون هم أولئك الذين ينهجون هذا النهج ويسلكون هذا السلوك الفاضل المحترم الذي قد يعيبه كثيرون من الناس، لا بل أعرف رؤساء جامعات يقومون (بشطب) أسمائهم من كشوفات الاستحقاقات التي توقع كل يوم، إن لم يكن كل ساعة، مقابلة ببعض الأشخاص وفي مؤسسات مختلفة والذين لا يوقعون كشفاً ولو كان كشف نظافة إلا إذا كان اسمهم أول الكشف، ولعل الأمر مرتبط بالتربية الدينية والخُلقية والوطنية. وكنت قد أتسامح مع إنسان يأخذ بدل جهد بذله للصالح العام، لا بأس أن يأخذ حقه - إذا رضي وأراد - ولكن فكرة أن يكون الجهد مجرد حضور لاستحلال المال العام؛ فهذا مخالف للسلوك القويم. وللأسف فإن بعض المتدينين الذين تظهر عليهم علامات الصلاح أو الانتساب (للصلاح) ينظرون إلى مال الدولة كأنه غنيمة وحق مشروع ل(النهب) وتراهم يسارعون في الإثم ويطمعون ويستزيدون في الطمع، ويتخلقون بأخلاق بعض الكتّاب الذين نجدهم «أحرص الناس على حياة» فماذا ترك بعض هؤلاء المتدينين للعوام والرعاع من الناس؟!. نعود فنقول: لقد ذهب الورع من كثيرين من الناس، فأصبحوا يتكالبون على الدنيا تكالب الذين يقولون: (وما يهلكنا إلا الدهر) وفي شهر يونيو من كل عام يتسابقون على المناصب ويتكالبون على الوظائف العامة، ويزعجون أهل القرار في بيوتهم وأعمالهم، يريد كل منهم منصباً لا ليسد فيه ثغرة ويصنع فيه إبداعاً؛ بل ليسرق و(يثخن) في السرقة، وتراهم من قبل عشرات الدقائق ينصتون لسماع القرارات، أكثر مما ينصتون لتلاوة القرآن الكريم. ولهذا فإن المواطن - وقد واتته الفرصة الديمقراطية - عليه أن يختار عضو مجلسه المحلي وعضو مجلسه النيابي، وواجب صاحب القرار أن يسأل عن الشرفاء والصادقين؛ فسمعتهم أريج عطر وريحان، وورعهم يذكّرنا بالسلف الصالح أيام زمان.. وكان الله في عون المال العام.