في الثانية والثلاثين تبدو حالة عادل الصحية ميؤساً منها.. السرطان جرده من أسلحة الحياة لكنه يتشبث بأمل إعانة أطفاله و... من أين أبدأ الحكاية؟!. وكيف لي أن ألملم وجعي.. فيما أوجاع الصغيرة رغد أكبر منها ومني ومن الحياة ذاتها!. داخل غرفة تضيق بهم وتتسع لألمهم يسكن عادل ناجي السروري مع زوجته وأطفاله الثلاثة.. وهنا تحديداً يتقاسمون ذات الجرح والوجع. بعد أن طال انتظار عادل الحاصل على دبلوم معلمين قبل أكثر من «21» عاماً لوظيفة يبدو أنها لن تأتي أبداً.. تمكن من العمل في معرض مفروشات بصنعاء.. وإلى هنا وحياة سعيدة كانت تظلل العائلة الصغيرة وترعاها لكنها سرعان ما كشرت عن أنيابها وتنكرت لهم. إحساس بالألم باغت عادل بينما هو يحتفل بقدوم قرة عينه «رغد». آنذاك لم يدر يخلده أن السرطان هو الذي هاجمه، واستهدف جيوبه الأنفية والآن بدأ الانتشار سريعاً إلى إحدى عينيه، يبدو أن السرطان الذي تمكن من عادل تماماً يسعى حثيثاً إلى إطفاء نور عينه.. إنه يحاول بقساوة بالغة حرمانه متعة النظر إلى أطفاله. في الثانية والثلاثين من العمر يواجه عادل الموت بصبر وثبات محتسباً معاناته من السرطان عندالله سبحانه وتعالى وعليه يتوكل في حفظ ورعاية أطفاله. إن لعادل أطفال ثلاثة أكبرهم أيمن «9» سنوات الذي سيحمل هم أسرته مبكراً وزوجة، لم تعد أوجاع الأسرة ساكنة خرجت إلى الجوار البسيط احتضنها الأهل والاصدقاء على بساطتهم وقلة حيلتهم بتعاضد محمود ساعدوه بقدر ما يستطيعون عليه وأكثر، بنوا له غرفة تؤويه وأطفاله، وساهموا في تأمين تكاليف رحلته العلاجية للقاهرة والآن ثمة هم أكبر من إمكانياتهم وأوجاع لا طاقة لهم بها. بسبب المرض خرج عادل من عمله في صنعاء، التي تعوقه ظروفه المادية الصعبة من زيارتها مجدداً وهذه المرة يخضع لجلسات العلاج الاشعاعي والكيماوي. لقد بات معزولاً الآن عن أدوات العيش الآمن.. السرطان يهدد حياته وقد يسلبه إياها اليوم أو غداً.. إنه مصمم على ذلك.. فيما تشتاق الصغيرة رغد إلى مداعبة وجه أبيها.. ويتردد أيمن كثيراً للارتماء في أحضان والده كما تعود لأنه الآن مدرك لمعاناته عادل الذي يلوح بالمرض أصبح مجرد فرصة ضائعة لزوجته وأطفاله وحياة تتوارى أمامهم..تتراءى لعادل تفاصيل حياة عاشها مكافحاً ومعانياً تلقاها محتسباً صابراً غير أن حلمه وحياته لم تكتمل بعد ثمة حياة جديدة تحاول الوقوف بثبات.. فهل يمكنهم فقر أبيهم وانعدام موارد رزقه من ذلك؟!.. إن عيداً قادماً لا يعير المعوزين والمحتاجين أدنى اهتمام، سيفتح جرحاً لم يندمل أصلاً داخل تلك الغرفة الناضحة بالألم في حارة الطحان «جوار منزل العميد ناجي الرويشان». ترى هل ستحتفي صغار عادل بالعيد هذه المرة، أم أن أركان غرفة ستحتويهم كما تفعل الآن..؟! وهل ستدرك رغد أن فستانها الجديد الذي تنتظره ربما يأتي في يوم آخر.. ولكن متى؟ هي تريده الآن لتتباهى به أمام والدها. إن فرحة تفتقدها هذه العائلة يوماً بعد آخر هل نرتضي أن نعيشها نحن!! سيحتفلون هم بالجرح، إلا إذا مدت إليهم يد خير تأتيهم من السماء ربما تكون لإحدى مجموعات الخير في تعز كمجموعة هائل أو الشيباني أو توفيق عبدالرحيم..إلخ فبهم تحيا الحياة وقدرهم أن طريق الجنة أمامهم واضح المعالم.. والله يجزي المحسنين.