إن المجتمع اليمني من أقصاه إلى أقصاه يحارب ويقارع مثلث الرعب والموت والدمار، بصبر وتجلد وترقب وحذر ونقمة غير مسبوقة. خاصة إذا ماكان المتربصون بمجتمعنا لديهم القدرة على التلون والتنوع والتخفي في وعي الكثيرين وثقافتهم وفكرهم وجهلهم وتخلفهم، مرة باسم الدين ومرة باسم الوطن، ومرة باسم الانتماء السلالي والمذهبي وأخرى باسم النفوذ والقوة والقربى والمنطقة. السبب الأول في ازدياد معدل الفقر في مجتمعنا هم الفاسدون الذين لم ولن تتوقف مشاريع البناء والتشييد للفلل والمنتجعات والعمارات حتى في مثل هذه الظروف الصعبة من حياة شعبنا اليمني، غرورهم وغطرستهم على خلق الله أذهب عنهم الحياء والخوف من الله، وقد كان هذا الوباء اللا أخلاقي بامتياز هو أداة الإفقار للمواطن. الحروب الخمسة وهذه السادسة هي الأخرى قد أكلت الكثير من البشر والإمكانات والقدرات المادية لمجتمعنا، وهي في الأول والأخير صورة ماثلة وحية للعشوائية وعدم الاكتراث للعواقب المؤثرة في حاضر اليمن ومستقبله، وانقلب التوازن المنشود إلى كوارث حالية ومرتقبة؛ لأن طرفي المعادلة خطر داهم وأداة دمار وخراب في مجتمع تتغلب فيه العاطفة على العقل والعادات والأعراف على الشرع والنظام والقانون والدولة. ثمة ما يربط بين أمراء الحرب الدوليين وتجار المآسي والحروب في مجتمعنا، صحيح بأن القاعدة وأمراءها والتمرد الحوثي وأئمته وآياته هدفهم التدمير والخراب وإضعاف الوطن. واليوم يدهمنا الوباء القادم من خارج الحدود أرعب الأسر والأطفال، وأراه سيجرد مدارسنا وجامعاتنا من الحركة، إن لم نسارع في توعية المجتمع بمخاطر التهاون في التعاطي مع هذا الوباء ومتطلبات الوقاية وعدم التساهل مع أية حالة تظهر. الأمر يتطلب الحرية من قبل المؤسسات المعنية كالصحة والتربية ومعاقبة أية أسرة أهملت أو تساهلت في الإبلاغ عن أية حالة تظهر وساعدت بإهمالها في انتشار الوباء، ومن جهة أخرى حتى لا يرمي الناس بمثل هذه الأوبئة «أنفلونزا الخنازير، حمى الضنك» القاتلة على الأقدار ويجلسوا للتباكي على المرضى والموتى لا قدر الله. أمامنا الكثير من الأمور الصعبة التي تتطلب منا الاصطفاف الوطني من قبل كل الشرفاء للخروج بالوطن من المأزق والتأزم، ومن ثم إصلاح ما خربه الفاسدون والمتنفذون والقاعدة والمتمردون حيثما وجدوا، لأن هؤلاء يريدون إيصال مجتمعنا إلى النقمة على نفسه لأنهم لا ضمير لهم ولا دين ولا حياء. لذلك فإن إهدار إمكانات الدولة تمرد، وإعطاء المشاريع للعابثين هو أيضاً تمرد، وقطع الطريق تمرد، وإشاعة الرشوة والحقد والكراهية تمرد، واستضعاف البسطاء والمساكين ونهب أراضيهم تمرد، وحمل السلاح في وجه الدولة هو أيضاً تمرد كسابقيه.. فمن أين نبدأ بالإصلاح؟