سجل اليمنيون ملاحم شعبية بالغة الأهمية عبر مراحل التاريخ السياسي المليء بالأحداث الجسام. ولم تخلُ مرحلة اشتعلت فيها نيران الفتنة إلا وتجلت الحكمة اليمانية لتصنع ملحمة وطنية بالغة التأثير وتُخلد صوراً للتلاحم الوطني يصعب على الذاكرة اليمنية نسيانها. بل إن هذه الذاكرة تتجدد بفعل الأحداث الجسام وتوثق صوراً لملاحم أكثر بلاغة وأثراً في النفوس المؤمنة بقدسية التراب الوطني. إن ذاكرة الوطن التي تتجدد يومياً بفعل الأحداث المتلاحقة تدوّن وتؤرخ للملاحم الوطنية، وبقدر هذا التدوين المليء بالفخر والاعتزاز؛ فإنها كذلك تدوّن مواقف التخاذل والتهاون التي تظهرها بعض القوى المتواجدة في ساحة الفعل السياسي القائم على الانتهازية والكيد السياسي المقيت الذي يرفضه شعبنا اليمني العصي على المؤامرات والمكايدات. بل أستطيع القول دون مبالغة إن الذاكرة الوطنية قد سجلت تقدم الفعل الشعبي الطوعي الذي رفض التآمر والتخاذل على الفعل السياسي للنخب السياسية. وسجلت الذاكرة أن الشعب لم يعد يقبل بالوصاية من أحد، ويرفض المستغلين الذين يصبّون الزيت على النار لإذكاء نار الفتنة من أجل مكاسب سياسية رخيصة. ولئن كانت النخب السياسية قد فقدت البوصلة؛ فإن ذاكرة الشعب تحتفظ بسجل غير نظيف لأولئك النفر من النخب السياسية ذات الفعل المضاد للإرادة الشعبية. وقد حان الوقت لتذكيرهم بالفعل المشين في حق الوطن لعلهم يتداركون ما يمكن تداركه ومن ثم العودة إلى جادة الصواب واللحاق بالصف الوطني وإعلان الاعتذار للوطن والالتزام بالثوابت الوطنية وعدم الخروج عليها. والجلوس إلى طاولة واحدة، وطرح قضايا الوطن وهموم المواطن على تلك الطاولة بروح مسئولة بعيداً على المكايدة والمزايدة والمناكفة بهدف الوصول إلى كلمة سواء تستمد قوتها من الإرادة الشعبية بدلاً من التملص والهروب من المسئولية ومحاولة إرضاء القوى المعادية لبلادنا ووحدتنا وأمتنا واستقرارنا. وإلا فإن ذاكرة الوطن لا يمكن أن ترحم أحداً تخاذل عن أداء الواجب الوطني والديني المقدس، فهل من عاقل يستجيب ويدرك بأن ذاكرة الوطن تدوّن كل صغيرة وكبيرة، ثم يعود إلى صف الوطن؟!. نأمل ذلك بإذن الله.