أنصح الكثيرين ممن يتلذذون في صناعة وإخراج كذبة إبريل البيضاء كما يصفونها أن يبتعدوا قدر الإمكان عن هذه الصناعة التي قد تسفر عن نتائج وخيمة لا يتوقعها المخرج وربما تنقلب من مجرد مزحه الغرض منها الضحك وإحداث مقالب بريئة من الأصدقاء إلى صفحة سوداء مفخخة باللون الأحمر القاني وفي كل الأحوال قد تصل بنا إلى كارثة اجتماعية بكل ما تعنيه الكلمة من معنى بالإيغال في هذه التصرفات خاصة ونحن نقترب من موعد انطلاق هذه الأكاذيب لاقتراب إطلالة شهر إبريل لايحبذ بتاتاً فالكذب يظل كذباً مهما كان ولنا في هذه الحكاية درس بليغ. «عبدالحميد» شاب أراد أن يغيض زوجته التي ساءت علاقته بها في الآونة الأخيرة من خلال إطلاق كذبة لم تكن بيضاء أبداً بل طغى عليها اللون الأحمر وبدلاً من إصابتها بالحسرة كما كان يتوقع صاحبها التعيس فقد أفضت إلى إصابة الزوجة التي تمكث منذ مدة في بيت والدها إلى إلقاء نفسها من على سطح المنزل أي إنها انتحرت. ولمن أراد الإطلاع على حيثيات ودوافع هذه الجريمة الأخلاقية والاجتماعية فعليه أن يتعرف على الإرهاصات والمقدمات القديمة والحديثة التي أدت إلى هذه النتيجة المأساوية التي يجب أن تمثل لكل الأزواج عظة وعبرة وبالذات الذين يتوسلون الوسائل الدنيئة للانتقام من شريكة حياتهم مهما كان المبرر. المهم أن أسرتي الزوج والزوجة «ندى» تربطهما علاقات مصاهرة قديمة جداً أظهرت الأسرتين وكأنهما أسرة واحدة ولا غرابة أن يتقدم محمد قبل سنوات طويلة بطلب يد شقيقة عبدالحميد الكبرى في وقت كان عبدالحميد لا يزال صغيراً يدرس الابتدائية وتقديراً لتلك العلاقات قبلوا بتزويجها من محمد بالرغم من أنه متزوج ولديه عدة أولاد وتمر السنون ويرزق من زوجته الثانية بعدة أولاد وكانت الأوضاع تسير على أحسن حال لتتوج هذه المسيرة بزواج عبدالحميد بعد أن اجتاز مرحلة الثانوية من ابنة محمد «ن» من زوجته الأولى إلا أن الحياة الزوجية بين محمد وزوجته الثانية شقيقة عبدالحميد لم تكن على ما يرام حيث مرت بمد وجزر ناتج عن شك قاتل بين الزوجين محمد و«ر» تطورت إلى اتهامات متبادلة بالخيانة الزوجية لكنها من قبل الزوج كانت أوضح وقد أدى كل ذلك إلى اللجوء إلى أبغض الحلال مرتين لتكون الثالثة قدراً محتوماً لم تستطع إزاحته مساعي إصلاح ذات البين ولا تقف الأمور عند هذا الحد فبعد أن كبر الأولاد وصار بعضهم موظفاً اتضح أن الزوج محمد كان مصاباً بحالة نفسية تنتابه عقب كل تخزينة عرمرمية وهي ولعة لم يطق أن يفارقها يوماً حيث يتهيأ له أشياء غير موجودة وزاد من تدهور حالته رفضه المطلق النهائي عرض حالته على طبيب متخصص كونه يشعر بحساسية مفرطة من خلال أعدائه وشماتتهم المتوقعة كما يقول. وبعد انفصال محمد عن زوجته التي هي شقيقة زوج ابنته عبدالحميد ساءت حالتها الصحية كونها كانت تعاني من داء السكري لتدخل في غيبوبة أسفرت ثلاثة أشهر كاملة لم تفد معها النيابة الطبية المركزة لتفارق بعدها الحياة وإلى غير عودة. ويبدو لنا مما سلف أن هذه الصيرورة خلفت أثر سيئاً في نفسية شقيق المتوفاه عبدالحميد الذي اعتقد في أعماقه أن سبب وفاة شقيقته يكمن في الظلم الذي تعرضت له من قبل زوجها محمد الذي هو في نفس الوقت عمه أي والد زوجته «م». وإذا صحت هذه الأقاويل التي نفاها المتهم جملة وتفصيلاً فقد بيت الانتقام من عمه الممقوت بأي طريقة من الطرق ولم يجد أسهل من التنكيل به من خلال زوجته المفضلة لدى والدها فكثرت الخلافات التي تخللتها العنف الذي استخدمه بإفراط في حق الزوجة من ضرب واهانة أدت إلى مغادرتها منزل الزوجية إلى منزل والدها وظلت هناك ما يقارب السنة بمعية طفليها الصغيرين خالد وخلود وقد رفضت العودة إلى زوجها رفضاً قاطعاً. وفي أحد الأيام طلب عن طريق شقيقه السفر إلى القرية وأخذ الطفلين لأنه يريد أن يراهما ويأخذ عدة صور فوتوغرافية من باب الذكرى هذا من حقه وكان له ما أراد غير أنه وبعد ساعات اتصل الزوج من هاتف أرضي كما أفادت التحقيقات ليؤكد لزوجته أن الطفلين توفيا في حادث مروري في منطقة بيت الكوماني ولقيا حتفهما وما إن أبلغت الشقيقة الصغرى الزوجة التي تلقت الاتصال بما حصل اندفعت لتلقي نفسها من على سطح المنزل لتضع بذلك حداً لحياتها ولم تعلم أن المعلومة القاتلة كانت كاذبة، الغرض من ورائها إغاظتها فقط.. فمن يرد حياة الضحية «ن».