كان بريئاً كالطهرِ ، ونقياً كضمير الأتقياء ..منذُ نعومة أحلامه وأيامه وهو يسابق عقربةَ الوقتِ في مضمار الحياة ..ولأنهُ أكبر من عُمره الزمني طموحاً وعقلنةً وروحاً وإنسانية فاضلة فقد نمَا وتنامى سريعاً واستطاع بمكارم أخلاقه العظيمة التي تربى عليها أن يصبح مضرب الأمثال في سلوك الشاب المستقيم ..فعلى مدى طفولته وصباه وسنوات شبابه الأولى التي أكمل مع بدايتها دراسته الجامعية على مدى أيامه كلها على ظهراني الثرى اكتسب احترام وتقدير الجميع واستطاع أن يسبغ على كل من يلازمه (صحبةً وزمالة درس أو عمل ) من مكارم أخلاقه الفاضلة. وبقدر ما كان يحب الجميع ولا يعرف قلبه إلا الحب وعيناه لا تعرفان غير الابتسامة بقدر ما حاز على حب واحترام وتقدير من يعرفه ومن لا يعرفه ومثل هذه الحالة نادرة الوجود لكنها وجدت في شخص الأخ والصديق والإنسان المرحوم الدكتور أحمد عزي طيب بعكر الذي غادر الحياة إثر حادث تعرض له في غرفة نومه مع صديق له من دولة عربية تمثل في حدوث ماس كهربي أدى إلى نشوب حريق داخل الغرفة وهما نائمين ..كما وردت الأخبار إلينا هكذا من بعض أقاربه والله اعلم أدى إلى وفاته ...فكانت الفاجعة الكبرى التي صعقت لها كل القلوب التي تعرف هذا الشاب الخلوق والمهذب والمثقف والدكتور الصيدلي ( أحمد عزي)..ولقد بكت عليه ولا تزال تبكيه ((عدن)) المدينة التي أحبها منذ الأيام الأولى لدراسته الجامعية فيها وحتى أكمل دراسته فاختارها مقراً للعمل وسكناً لحياته الزوجية المقبلة كما صرح بذلك قبل وفاته لأحد أصدقائه في حيس. حقيقة إن هذا الحادث المؤلم والمروّع جعلنا نقف وبكل إجلال وإكبار أمام قوة إيمان أبويه وإخوانه وأخواته وذويه الأقربين وهم يبدون على درجة عالية من التصبر والحمد لله على المصاب الجلل في الوقت الذي لم يتحمل الصدمة الكثير من الأصدقاء للمرحوم ..وإذا كان - يرحمه الله - قد أعلن انه لن يفارق ((المدينة)) التي أحبها من كل قلبه فإن «عدن» هي الأخرى بادلته نفس المشاعر ولم تسمح حتى لجثمانه أن يدفن في غير ثراها وكان لها ما أرادت ترجمة لمصداقية حبها لبعضهما الكبير ..فليس وداعاً يا أيها الراحل عنّا فجأة دون وداع فرحيلك يعني حضورك فينا ولسوف تبقى في تعاريج دمنا تسري ابتسامة حياة تمنحنا من بقاياك فينا فضيلة اللحاق بك شباباً مستقيماً ..ليس وداعاً أيها الأحمد والأمجد والأسعد والأنبل والأجمل والحي حتى آخر الأنفاس في سفر التراب ..ليس وداعاً أيها الحب ابن الحب وسوف تكون مع الجميع دوماً ومع ((عدن)) التي لن تنساك قاعات الدرس فيها ومساجدها ومقرات العمل فيها ومطاعمها وشوارعها وأناسها الطيبين الذين لم تزل حتى الآن عيونهم تتفجر دمعاً حسرات وفجيعة ..ومن أعماقنا ندعو لأبويك وأهلك أجمعين ولأنفسنا بالصبر على مصابنا فيك ..تغمدك الله بواسع رحمته وأسكنك فسيح جناته وإنا لله وإنا إليه راجعون..