مع أن الزيارة التي قام بها سمو أمير دولة قطر الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني لبلادنا يوم أمس جاءت سريعة وقصيرة إلا أنها في حد ذاتها وضعت النقاط على الحروف بشأن مضي البلدين قدما في علاقاتهما دون الالتفات إلى كل الشوائب وسحب الصيف , كما أن فحوى مباحثات القمة اليمنيةالقطرية بدت مثمرة وناجعة وعكست الحرص المشترك على الارتقاء بالعلاقات الثنائية والتعاون المشترك إلى آفاق رحبة تخدم تطلعات ومصالح البلدين والشعبين الشقيقين. فما من أحد في اليمن إلا ويتذكر بفخر وإعزاز تلك المواقف القطرية التي ساندت اليمن ساعة العسرة وفي الأيام العصيبة التي مرت بها الوحدة اليمنية في أزمة وفتنة وحرب صيف 1994, حين غرّدت قطر خارج سرب الحسابات الإقليمية الضيقة التي كانت تسعى بعض الأطراف من خلالها إلى تصفية الحساب مع اليمن ونظامه السياسي عل خلفية مواقف سابقة يعرفها الجميع ويفهم الكثيرون ملابساتها وتفسيراتها الانفعالية بقصد أو بغير قصد من قبل البعض . وقطر التي كان موقفها مشرفا وداعما لترسيخ وتثبيت الوحدة اليمنية في عام 1994 على اعتبارأن هذه الوحدة كانت بمثابة شمعة مضيئة في ليل عربي حالك وكانت رهان كل عربي يحلم بوحدة عربية شاملة وكاملة ..كانت قمتها الخليجية في الدوحة 1996 هي البوابة الأولى لتحريك المياه الراكدة في التقارب الإقليمي حيث شهدت تلك القمة تقدم اليمن رسمياً ولأول مرة بطلب الانضمام إلى مجلس التعاون الخليجي , وليصبح ذلك الطلب مقدمة لمناقشات ومداولات أفضت فيما بعد وتحديداً في قمة مسقط الخليجية في ديسمبر2001 إلى أول خطوة شجاعة على هذا الطريق بإعلان قادة دول مجلس التعاون موافقتهم كخطوة أولى على انضمام اليمن إلى ثلاث مؤسسات في المجلس هي التربية والتعليم والصحة والشؤون الاجتماعية والعمل بالإضافة إلى بطولة كأس الخليج العربي لكرة القدم ليتواصل لاحقا الانضمام إلى مؤسسات أخرى في المجلس. وكما سعت قطر إلى بذل جهود متعددة لإطفاء نار أزمات في أكثر من بلد عربي كما هو الحال في نجاح مساعيها بشأن أزمة الأطراف والطوائف اللبنانية , ثم في جهودها بشأن السودان وأزمة دارفور , فقد كان لها مسعى مشكور بخصوص فتنة صعدة ليتمخض عنه اتفاق أعاق تنفيذه الحوثيون وسعت أطراف أخرى ليس فقط لإفشاله وإنما إلى التسلل من خلاله إلى زعزعة العلاقات المتينة والمتميزة بين اليمنوقطر , لكن حكمة القيادتين في البلدين كانت أقوى وأقدر على تجاوز ذلك والعودة إلى المسار الصحيح لعلاقات قوية وتعاون بناء ومثمر. ونشهد اليوم أن البلدين لا يتجهان فقط لترميم مجرد مواقف عابرة وآنية وإنما إلى العمل سوياً ومن خلال اللجنة الخماسية العربية العليا إلى ترميم الشروخ في جدار العمل العربي المشترك والمضي قدما نحو تحقيق هدف الاتحاد العربي وحلم الوحدة العربية بما يحقق التكامل والتعاون ويبني كياناً عربياً سياسيا واقتصاديا قوياً لا تنقصه أي مقومات سوى وجود الإرادة السياسية العربية وبما ينسجم مع تطلعات المواطن العربي البسيط الذي هو أكثر إدراكا لفوائد وثمار أي تكامل عربي على صعيد الارتقاء بمستوى معيشته وحياته الكريمة وبما يمكن الأمة من مواجهة والتغلب على كافة التحديات . [email protected]