إن السنّة الصحيحة تعلمنا أن السحور مشروع مرّغب فيه، ففي الحديث الصحيح “تسحروا فإن في السحور بركة“(البخاري ج 120/4 وصحيح مسلم حديث رقم 1095). وبعض الناس يوسع في دائرة الممنوعات حتى لتطال عدداً من المباحات، والإسلام دين الفطرة ولا يغفل تشريعه عن غرائز الناس وشهواتهم بل يحترمها ويقدّرها, وقد روي عن عائشة رضي الله عنها قالت: ”كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبّل ويباشر وهو صائم, وكان أملككم لإربه“(البخاري ج 4/129 - ومسلم رقم 1106). والمباشرة ملامسة حميمة بين الرجل وزوجته، والقبلة صلة شديدة الخصوصية بين الزوجين تجدد الحنين إلى اللقاء وتشعر بالمودة الكامنة, والصوم لا يمنع ذلك كله, وإنما يمنع المتعة الكاملة بما يكون بين الزوجين من صلة, أما دون ذلك فهو مباح بنص هذا الحديث الصحيح. ويُباح للصائم حين يفطر في الليل كل ما كان محرماً عليه في أثناء صومه من طعام وشراب ومتعة حلال, وبعض المضيقين يفتون بأنه يجب عليه بعد ذلك إذا أصاب المتعة الكاملة من زوجته الاستعداد لهذا الصيام بإتمام الغسل قبل طلوع الفجر, وهذا تشدد ينفيه الحديث الصحيح المروي عن عائشة وأم سلمة رضي الله عنهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصبح جنباً من جماع في رمضان, ثم يصوم ذلك اليوم. (البخاري ج1/123_ ومسلم رقم 1109). ومن مظاهر التيسير في هذا الشهر الفضيل أنه إذا وقع الفعل المفسد للصوم من جماع المتعة الحلال - أي مع الزوجة _ أثناء النهار؛ فقد شرعت له الكفارة.. فأوجب الإسلام كفارة لهذا الفعل الممنوع على الصائم، وخفف بها على المسلمين رعاية لجانب الفطرة الإنسانية التي تحتاج في قمعها إلى إرادة غالبة لا تتوافر للكثيرين من الناس. وللحلقة بقية في عدد الغد بإذن الله. [email protected]