• الثلاثاء الماضي كشف عدد من نواب الشعب المعروفين بالغلو والتشدد عن لغتهم التكفيرية في وجه بعض زملائهم بالمجلس؛ لأنهم قالوا: “لا لزواج الصغيرات” وطالبوا بتحديد سن آمن للزواج. هؤلاء رفضوا كلياً تحديد سن آمن للزواج؛ غير مبالين بالأضرار والأخطار الصحية والنفسية التي تلحق بالطفلة الصغيرة نتيجة زواجها المبكر، وغير مبالين أيضاً بمواقف أبناء الشعب الرافضة لزواج الصغيرات، لم يكشفوا عن لغتهم التكفيرية وحسب بل أثبتوا أيضاً أنهم أبطال في الملاكمة!!. تناسى هؤلاء حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم لمن تقدّم لخطبة ابنته فاطمة عندما قال: «إنها صغيرة» صغيرة عن تحمّل تبعات الزواج ومسؤولياته، فعن أية شريعة يتحدث هؤلاء عندما يقولون إن تحديد سن آمن للزواج مخالفة صريحة للشريعة؟!. • لماذا هذا التشدد وهذا الإصرار على عدم تحديد سن آمن للزواج، وهل من يطالب بحماية الفتاة الصغيرة وحقوقها الإنسانية المكفولة في الشرع وفي كل القوانين يعد كافراً أو جاهلاً أو ينبغي رفع العصا في وجهه أو توجيه لكمة إليه؟!. إن من البؤس حقاً أن نجد هؤلاء الذين يدَّعون حرصهم على حماية الإنسان من أي ظلم أو عسف يتعرض إليه يجاهرون اليوم بالعمل ضده وضد مطالبه الشرعية والقانونية. من يطالب بحماية الصغار من مخاطر الزواج المبكر لم يعلن ارتداده عن الدين؛ بل طالب بتحديد سن آمن للزواج، فلماذا يتم وصفه بعدو الله وعدو الإسلام أو يتم الإعلان عن تكفيره بوضوح؟!. هل هذا الفعل من الدين في شيء، وما بالنا بقول رسولنا الكريم عليه أفضل الصلاة والسلام: «من كفّر مسلماً فقد كفر»؟!. • هؤلاء يحرِّمون بالمطلق على أي مسلم أو جهة أياً كانت المطالبة أو تبنّي تشريع يحدد سناً للزواج، وإن وجد من يخالفهم في الرأي رفعوا في وجهه «العصا» أو استخدموا لعبة الملاكمة أو أعلنوا صراحة عن تكفيره!!. لماذا لا يرجعون إلى رأي أهل العلم الطبي والنفسي والتربوي ويستمعون إلى ما يقولونه بشيء من المسؤولية بدلاً عن هذا التشدد الذي لا مبرر له، وبدلاً أيضاً من استخدام هذه اللغة التكفيرية التي تدل على ضعف وجهل في الدين وعدم قدرة على مواجهة الآخر بالحجة، والحجة وحدها؟!. ما المخاطر التي قد تتعرض لها الفتاة الصغيرة في حال تم تزويجها والدخول بها ومن ثم حملها وهي في سن العاشرة أو الثانية عشرة؟!. وهل تعي الفتاة الصغيرة التي يصر هؤلاء على تزويجها وهي مازالت صغيرة معنى الزواج والإنجاب وتحمّل ورعاية مسؤولية طفلها أو طفلتها، وأيضاً تحمل مسؤولية زوج قد يكبرها بخمسين عاماً أو حتى عشرين عاماً؟!. • ابعدوا استخدام الدين عن هذه القضية، كما لا يمكن رفع حجة «التأصيل الشرعي» التي تعوّدنا على سماعها من هؤلاء عند كل عنوان أو قضية تخص المرأة وحقوقها الاجتماعية والسياسية والمدنية والدعوية. نحن أمام قضية تتعرض الطفلة بسببها إلى انتهاك لبراءتها وآدميتها.. إلى موت حقيقي قد يجثم على نفسها إن تم تزويجها والدخول بها وهي مازالت طفلة!!. إن الله ميَّز الإنسان عن غيره من الكائنات بالعقل.. فما بال البعض يصر على تعطيل عقله واستبداله بلغة التكفير والوعيد؟!. [email protected]