قال لي أحد الأشخاص وكنت وإياه نتحدث عن ذبائح العيد من كباش وتيوس وثيران: إن بيع وتهريب هذه المواشي إلى بعض البلدان المجاورة قد توقف منذ عدة أشهر, وتوقع هذا الشخص بأن اسعار الأضاحي ستكون أقل مما كانت عليه في العام الماضي، وشككتُ في توقعاته لما أسمعه وأراه في الأيام الأخيرة وحتى حلول عيد الأضحى لأن الكبش الذي ربما لم يبلغ عمره سنة والمسموح بالتضحية به بحسب السنة المطهرة أكثر قيمة من الذي اشتريته في السنة الماضية والذي لا يقل عنه وزناً وشكلاً, ويؤكد كثيرون ممن يحلّقون حول العارضين للأضاحي في أسواقها المخصصة أو في الطرقات والشوارع أن أي تخفيض للأسعار ماهو إلا توقعات وتمنيات فقط. وسواء كان ما قاله ذلك الشخص صحيحاً أو غير صحيح عن توقف بيع وتهريب المواشي إلى خارج الحدود؛ فالمزارع والمربي لها طيلة أيام السنة والساهر على رعيها وتسكينها إنما يعقد على أثمانها آمالاً طويلة في شراء الضروريات في العيد وفي سائر أيام السنة ويفضل كثيرون منهم إعادتها إلى البيوت وتربيتها سنةً أخرى من بيعها بالثمن الذي يريده المشتري وكل إنسان يبحث عن مصلحته، وقد قالها أحد الباعة بأنه يتعب ويشقى طيلة أيام السنة بين الشمس والريح وفي الحر والبرد من أجل جمع مبلغ من المال يواجه به متطلبات أسرته للسنة كاملة وخاصة الأطفال وطلاب المدارس والجامعات من أبنائهم وبناتهم. وانتقد الذين يتهمون الرعية أي المزارعين بالجشع وينسون أن أسعار السلع الغذائية والأدوية والملابس بشكل خاص ارتفعت كثيراً، ولا ينصفونهم بكلمة واحدة بأنهم جزء من المجتمع أو يستكثرون عليهم موسماً واحداً في السنة يبيعون فيه ثمرة جهودهم في مجال تربية الأغنام والماعز والأبقار التي يقبل المسلمون على شرائها وإدخال الفرح في نفوس ابنائهم خاصة الذين لا يذوقون اللحمة إلا نادراً من أيام السنة وينتظرون العيد بشوق لا مثيل له ليشبعوا بطونهم باللحمة يومين أو ثلاثة أيام. وقال ذلك المزارع: إن أولادي وكل أفراد الأسرة يتمنون أن أذبح لهم رأساً في كل ثلاثة أشهر لاسيما إذا كان عددها مناسباً وتكاثرها مضموناً, ولكنني احرمهم من ذلك من أجل مواجهة المتطلبات اليومية التي تزيد تكاليفها عن المبلغ الذي جمعه في المناسبة هذه بكثير, في ظل تصاعد الأسعار بشكل جنوني يعجز عن مجاراته من ليس لديه عمل أو وسيلة للرزق الحلال فتحدث المشاكل الأسرية والحالات النفسية والجرائم التي لم تكن معروفة في اليمن في الماضي.