في الوقت الذي استبعد (ابن خلدون) أن يكون موسى (عليه السلام) قد دخل معركته في التيه بجيش لجب من 600 ستمائة ألف مقاتل، بسبب خطأ (لوجستي) فكيف يمكن لجيش أن يخوض قتالاً تضيق عنه الأرض، ولا يوجد فيه نظام اتصالات؛ فلا يعرف رأس الجيش ما يجري لنهايته الأخرى انتصرت أم انهزمت؟ كما جاء في المقدمة (فكيف يقتتل هذان الفريقان أو تكون غلبة أحد الصفين وشيء من جوانبه لا يشعر بالجانب الآخر؟). في الوقت الذي زحف فيه (هتلر) بخمسة ملايين جندي على الاتحاد السوفيتي في عملية (بارباروسا BARBAROSSA) بسبب تقدم تقنية الاتصالات، وكان تعداد الجيش السادس لوحده (360000 ثلاثمائة وستين ألف مقاتل) تحت قيادة (فون باولوس VON PAULOS) الذي خسر معركة ستالينغراد بعد موت مليون إنسان روسي وفناء معظم الجيش الهتلري، واليوم يمكن خوض حرب نووية على مستوى كوني بنظام اتصالات أقمار صناعية بجيوش تبلغ الملايين، وبأسلحة استراتيجية محمولة على الصواريخ، تصل أي نقطة في الكرة الأرضية، خلال فترة لا تزيد عن ثلث ساعة، وبخطأ في التصويب لا يبعد عن الهدف 15 متراً ؟ وهو الذي كشف سره عضو الدايت (DIET) أي البرلمان الياباني (شينتارو ايشيهارا SHINTARO ISHIHARA) في كتابه (اليابان تقول : لا) عن سر تراجع التسلح النووي، بسبب اعتماد دقة تصويب الصواريخ، على الأقراص الكمبيوترية (الميكروشيبس CHIPS) المصنعة في اليابان؛ والتي لا يزيد حجم أحدها كما وصفها إيشيهارا عن ظفر أصبع، لتضرب فوهات (السيلو SILO ) مباشرة، بما يشبه إصابة رأس دبوس في قاعدة الصواريخ في فاندنبرغ (VANDENBURG) في أمريكا، المحاطة بخرسانة إسمنتية مسلحة بسماكة مائة متر، فأصبح بذلك مصير الحرب خارج يدي روسياوأمريكا. هكذا يقول ( ايشيهارا). ومع أن اليابان تملك كل هذه التقنيات المتقدمة من الميكرو شيبس لتوجيه الصواريخ النووية أو القطارات المغناطيسية التي تحقق سرعة 500 كم في الساعة أو الطائرات التي تملك قدرة مناورة أكثر من أي طائرة أمريكية كما ذكر في كتابه القيم والجدير بالقراءة، أقول مع هذا فإن اليابان طلقت التسلح طلاقاً ثلاثاً لا رجعة فيها، واعتلت القمة العالمية من قاعدة اقتصادية وأمريكا تتمنى على اليابان أن يقع في ورطة التسلح ولكن اليابان لا تنطلي عليها هذه الخدعة وهي تعيش بسلام للسلام، ونحن عندنا نحلم بالقوة ولا نستفيد من الدرس الياباني.