من أعجب القصص التي قرأتها في مجلة “در شبيجل” الألمانية عن انتحار الأطباء في ألمانيا لكونهم أكثر الناس رفاهية وأشدهم رهبة واحتراما في المجتمع. ولكن تبين أن تحت الأكمة ما تحتها كما يقول المثل؛ فقد روت المجلة في عددها 14 من عام 2002م وحتى عام 2010 م أنه زاد العدد وتفاقمت الكارثة على نحو أبعد!, قالت وتحت عنوان: أن أحد الجراحين قام بانتحار مهني متقن، فقد حقن في المغبن (المنطقة التناسلية) مادة مخدرة قوية، ثم أحضر كمامة مشبعة بالايتر، وهي مادة مخدرة أيضاً، ثم أمسك بالمبضع الجراحي ففتح منطقة المغبن الأيسر؛ حيث يمر الشريان الفخذي وهو شريان لا يرقأ، فعمد إلى قصه بالكامل، ثم استلقى بدون أن يشعر بالدم الحار أو الألم، وبعد دقائق كان الجراح يسبح في بركة من الدم الحار فاقد الوعي باهت اللون يسلم عليه عزرائيل وميكائيل وإسرافيل! لا يزيد عن غلالة جسد وبقايا حدث. وهذه الواقعة ليست فردية فقد سجلت المجلة أن اليأس من الحياة والميل للانتحار بين الأطباء يصل سنويا إلى 200 حالة، ويذكر الدكتور بيرنهارد مويلن (Bernhard Moelen) انه يصادف ما لا يقل عن حالة واحدة شهريا، وكمية الزملاء الذين عالجهم في فترة قصيرة من أفكار القنوط زاد عن مائة. ويصل عدد المنتحرين في المهن بين الأطباء نسبة الضعف إلى غيرهم، وترتفع عند النساء إلى أربعة أضعاف. وسجلت واقعة للدكتور (كريستينه باور) وهي طبيبة طيارة أنها تناولت الكحول والحبوب، ثم عمدت إلى حقنة إنسولين فحقنت بها نفسها، ودخلت في حالة سبات، وهي مازالت لا حية ولا ميتة منذ سنين. ويقول التقرير: إن الأطباء بنباهتهم وذكائهم يقومون بالانتحار بشكل متقن كما في قصة الجراح. ومن أفظع القصص أن طبيبا قام بانتحار رباعي، بما هو أفظع من انتحار هتلر نفسه؟ فقد ابتلع كمية كبيرة من الحبوب المنومة، ثم حقن نفسه بالمورفين، ثم اعتلى كرسياً وربط عنقه إلى حبل الشنق بإحكام حتى لايرجع من ضيافة عزرائيل قط؟ وأخيراً قام بإطلاق الرصاصة في قلبه بحيث إنه لا ينجو من موت واحد؛ فضلا عن أربعة ألوان من الموت فانتحر أربع مرات قتيلاً مسموماً مشنوقاً مخدراً. ويقول التقرير: إن معظم الأطباء ينصحون أولادهم بالابتعاد عن هذه المهنة. وقامت مجلة طبية من مدينة ميونيخ الجنوبية الألمانية بدراسة الحالات واعترفت أنه حقل لم يبحث بعد, وذكرت ثلاثة أسباب رئيسية للانتحار؛ أولها كسب المال، ومن اقترب من الإفلاس فجّر رأسه بالغدارة والطبنجة ونحر نفسه بالموس. ومنها ضغط العمل لأنهم يشتغلون أكثر من خمسين ساعة بالأسبوع، ولذا فهناك أكثر من عشرين ألف مدمن، أكثرهم من المخدرين أو الجراحين أو أطباء النسائية. وثالثا الانفكاك عن جو الأسرة. وفي يوم تشاجر طبيب العيون العالمي (يورجن هاينريش) مع زوجته, فقام بتوجيه طلقة إلى فمه ففجرت الفك والقفا ومزعت مركز الحياة فمات في لحظات. وأنا أعرف خبراً من طبيب قضى على نفسه في العيادة فتحول الطبيب إلى مريض غريق ميت يرثى له. ومن أعجب التقارير أن الاتصال الجنسي يبعث في النفس البهجة بسبب امتصاص جسد الأنثى مفرزات هورمونية فتحجم الأنثى عن الانتحار. ومن آياته أن خلق لكم من أنفسكم أزواجا لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة.