الخطوة الجريئة والمدروسة التي انتهجها البنك المركزي مؤخراً وبعد طول انتظار والمتمثلة في إصدار سندات إسلامية على هيئة (صكوك) جاءت بعد مطالب ملحّة من قبل المصارف الإسلامية العاملة في منظومة القطاع المصرفي اليمني المتطور، وتجدد مطالبها للبنك المركزي بسرعة إصدار سندات إسلامية حتى تتمكن من استثمار فوائضها المالية داخل البلد بدلاً من استثمارها في الخارج وبالتحديد في دول الجوار بهدف تمويل عدد من المشاريع الخدمية عبر توفير الموارد المالية لتمويل عملية التنمية المستدامة في اليمن من خلال توظيف الموارد المالية المستقطبة من المصارف والمؤسسات المالية والشركات والأفراد واستثمارها في إنشاء المشاريع التنموية كبديل مقبول لأذون الخزانة كما قال ذلك معالي الأستاذ محمد عوض بن همام محافظ البنك المركزي اليمني, في كلمة ألقاها بمناسبة تدشين أول إصدار للصكوك الإسلامية في بلادنا في مجال (الاستصناع) بمبلغ أربعة مليارات ريال. هذا ومن المتوقع أن توفر الصكوك التمويل المتوسط الأجل للدولة عبر توفير تمويل مستقر وحقيقي موجود أصلاً داخل الدورة الاقتصادية دون أن يكون لها آثار تضخمية. إن الصكوك الإسلامية ستوفر التمويل المتوسط الأجل للدولة عبر استخدم صيغ إسلامية متنوعة تتفق مع المتطلبات الشرعية وتقليل الآثار التضخمية لاستدانة الدولة عبر توفير تمويل مستقر وحقيقي باستقطاب موارد موجودة أصلاً داخل الدورة الاقتصادية دون أن يكون لها آثار تضخمية على القطاع المصرفي والموازنة العامة للدولة. ولأهمية هذا الحدث المصرفي في إثبات جدية البنك المركزي اليمني في المضي قدماً وفق خطوات مدروسة وعلمية لتطوير هذا الإصدار وجعله شريكاً فاعلاً وحيوياً في عجلة التنمية وتطوير الاقتصاد وفق النظرة الشرعية والإسلامية التي تعتمد على مبدأ الربح والخسارة في البيع, عملاً بقوله تعالى في محكم آياته: “أحل الله البيع وحرم الربا” فقد كان لابد لنا من التطرق لماهية الصكوك الإسلامية والتأكيد العملي من حيث النظرة المصرفية الصائبة والواعية وفقاً لمبدأ الشريعة الإسلامية بأن إصدار الصكوك الإسلامية سيكون له مصلحة عامة للجميع من خلال المساهمة في عملية التنمية في البلد ورفع مستوى دخل الفرد وتشغيل الأيدي العاملة فضلاً عن أنها استثمارات شرعية وصحيحة 100 % إلى جانب كشف العوائد المادية من الاستثمار فيها وما هي المخاطر التي تحدق بمن يرغب بالاستثمار في هذه الصكوك هروباً من الأرباح الربوية وغيرها من الأنشطة المصرفية في معظم البنوك والتي تثير الريبة والمخاوف من الوقوع في دائرة الربا وإعلان الحرب مع المتعاملين معها وبها وتلك الحرب من الله سبحانه وتعالى وبالتالي فقد كان لزاماً علينا توعية العامة وفق رؤية لاحم الناصر المستشار في الصيرفة الإسلامية والذي تطرق للصكوك الإسلامية من أبواب عدة وأوضح بوضوح ماهية الصكوك الإسلامية وعلى ماذا ترتكز: ما المقصود أصلاً بالصكوك؟ الصكوك ..أداة استثمارية صارت تحظى بقبول واسع النطاق في الأسواق المالية العالمية بطريقة أذهلت كثيرين وذلك على نحو قد يبدو مناقضاً للحذر الذي صار يبديه الغرب إزاء الخطاب الإسلامي إجمالاً بعد هجمات سبتمبر. ولكن ما المقصود بالصكوك الإسلامية؟ الصكوك عبارة عن أوراق مالية يضمنها أصل أو مشروع استثماري يدر دخلاً وتكون بمثابة حصص ملكية على المشاع في هذا الأصل أو المشروع الاستثماري ويبلغ عدد أنواع هذه الصكوك أربعة عشر نوعاً شهرياً على الإطلاق ما يعرف بصكوك الإجارة ومن أهم الفروق بين الصكوك والسندات التقليدية أن مالك الصكوك يشارك في العائد المتحقق من الأصل الاستثماري بالإضافة إلى إمكانية تعرض هذا المالك للخسارة بالتناسب مع قيمة صكوكه التي يمتلكها وذلك على عكس السندات التي تدر فائدة ثابتة. الأرقام وحدها كفيله برسم صورة الوضع العام لهذه الأداة الاستثمارية فقد بلغت قيمة إصدارات الصكوك الإسلامية خلال السنوات الثلاث الماضية أربعين مليار دولار, أما قيمة مبيعاتها العالمية هذا العام فإنها قد تصل إلى خمسين ملياراً, صعوداً من عشرة مليارات دولار العام الماضي. وأكثر من ذلك فإنه من المتوقع أن تصل قيمة هذه الصكوك إلى ثلاثة تريليونات دولار بحلول عام ألفين وخمسة عشر. الحكومة البريطانية نفسها أعلنت هذا العام اعتزامها إصدار صكوك إسلامية، كما كشف البنك الياباني للتعاون الدولي نيته إصدار سندات إسلامية، بل حتى أمريكا شهدت في العام الماضي إصدار أول صكوك من هذا القبيل في ولاية تكساس..ولعل من أكبر المفارقات في هذا الصدد التقديرات التي تؤكد أن ثمانين في المائة من مشتري هذه الصكوك غير مسلمين فيما النسبة الباقية لمسلمين.. إلا أن ثمة من يحذر من أن هذه النوعية من الأدوات الاستثمارية تواجه عدة تحديات منها افتقارها إلى أسواق ثانوية كافية لتبادلها بيعاً وشراءً، وغياب إطارات قانونية محددة وشفافة لتنظيمها، والافتقار إلى التنويع والابتكار هذا كله إضافة إلى معضلة تعدد المذاهب الفقهية التي تحكم طبيعتها وخصائصها. الفرق بين السهم والصك الإسلامي: الصكوك هي أداة استثمارية تقوم على أساس المضاربة لمشروع أو نشاط استثماري معين، بحيث لا يكون لمالكه فائدة أو نفع مقطوع وإنما تكون له نسبة من الربح إن تحقق من هذا المشروع بقدر مايملك من الصكوك فالصكوك الإسلامية إذن معرضة للربح والخسارة على السواء كأي استثمار يخضع لأحكام الشريعة الإسلامية. واصطلح على تسمية السندات الإسلامية صكوكاً تمييزاً لها عن السندات التقليدية أما الأسهم فهي حصة في رأس مال شركة ما، وكل سهم هو جزء من أجزاء متساوية لرأس المال أو وثيقة تعطى للمساهم إثباتاً لحقه وتتفق الصكوك الإسلامية والأسهم من حيث خصائصها فهي: 1 متساوية القيمة 2 لها قيمة اسمية 3 ليست مالاً متقوما في ذاتها، ولكنها وثيقة بالحق، ودليل عليه, 4 قابلة للتداول و5 صاحبها معرض للربح والخسارة، فليس للفائدة أو الربح المضمون محل أو مكان في الأسهم والصكوك الإسلامية.. وتختلف الصكوك الإسلامية والأسهم من حيث : 1 السهم يعطي صاحبه حقاً في حضور الجمعية العمومية للشركات، والتصويت والاشتراك في الإدارة ، والرقابة، وغير ذلك. ولا يمنح حامل الصك هذه الحقوق. 2 السهم جزء من رأس مال شركة ما ، وهذه الشركة ليس لها في الغالب تاريخ للتصفية، لأن الغرض من إنشائها هو الاستثمار والتوسع فيه إلى أجل غير مسمى، أما الصك: فإنه غالباً مايختص بمشاريع لها تاريخ ابتداء وتاريخ انتهاء، وربما كان لمشاريع غير مؤقتة. 3 الشركات تصدر الصكوك كمنتج من منتجاتها التجارية، أما أسهم الشركات فهي تمثل ماتملك شخصيتها الاعتبارية من أصول وأعيان وغير ذلك، وليست من منتجاتها التجارية، وكما لأي نشاط تجاري أو مصرفي مخاطر جمة بسبب تنوع المصادر وتزايد روح المنافسة. وفي مقال قادم سنتحدث عن المخاطر الناتجة عن هذه الصكوك.