إذا ساد الحب الصادق لليمن فكل النفوس لا خوف عليها اليوم أو غداً أو بعد غد, فهل هناك مجال لتأكيد الحب لهذه البلاد بما عليها من بشر وشجر وحجر وبحر وسماء بالتفاهم والتقارب الذي لا يوجد في هذه الفترة الجد خطيرة أولى على الإطلاق وعلى حب الذات والمال والولد..؟ إن التفاعلات المتصادمة تنذر بأمور كثيرة كلها تشبه الليل الحالك السواد بطبقات بعضها فوق بعض, والصوت الذي نشعر بنبرته المعادية لليمن، ويبدو أنه قد طغى على صوت العقل والتعقل, وعصف بموجاته النارية، بل طغى على الآمال بإمكانية ظهور المصلحين الذين كنا نعدهم من الأخيار، ونعقد على نواصيهم الرجاء بأن يتصدوا بعلمهم وتجاربهم ومكانتهم في المجتمع لأي نشاز يشذ عن الوطنية والمجتمع، لا أن يتذبذب ويوغل دون أن يحسب لكل كلمة يقولها ولا يدري أنها ربما تشعل وتحرق وتدمر ولا يقبلها أو يفرح لها إلا من في قلبه حقد دفين على اليمن واليمنيين متراكم، ولم تسنح له الفرصة لإطلاقها إلا الآن. فهل ما حدث منذ أكثر من أربعة أسابيع يمثل بالنسبة للشر والأشرار ثمرة لجهود بذلت تحت الرماد الذي تفاجأنا بأن ما تحته من نار قد خبت، ولم يعدلها حرارة تحرق هذه الأمة المصدومة بما وقع وما تزال طامّاته تتطور وتتوسع بفعل نافخي كير الكراهية بما تحمله من مفاهيم سياسية ومناطقية وقبلية متخلفة وعشائرية لا يرويها ماء البحر ولا تشبعها جبال من ذهب وماس. والمشكلة أن الكل يقولون نفس العبارة: «اليمن في قلوبنا»، لكن ما تفصح ألسنتهم به هو شيء آخر هو كل ما خلق الله من الأفاعي والعقارب والوحوش الكاسرة التي لا تميز وتأكل صغارها إذا جاعت ولم تجد صيداً سميناً أو نحيلاً. إن اليمن اليوم تنادي وعبر أعماق النفوس الشريفة المؤمنة بحق جميع أبنائها في الحياة المستقرة المطمئنة الكريمة، ولكن يا للهول عندما لم يسمعها العقلاء وقد لا يسمعونها أو لا يريدون سماعها؛ خوفاً من أن يبوحوا بها أمام الذين قطعوا الطرق وحبال الود والتفاهم، وأصبحنا فقط ندعو الله أن ينقذنا من طوفان الأشرار الذين أقول مرة أخرى: إنهم قد أطبقوا على المنافذ، ولم يعد لنا إلا أن نتوجه إلى بقية الشجعان من أبناء اليمن بالتدخل السريع وتوقيف السائرين بنا نحو الهاوية عند حدهم.