جاءت المبادرة الخليجية قاصرة كونها تجاهلت مطالب الشباب المعتصمين الذين أخرجتهم المعاناة والبطالة إلى الساحات وبدأ الأمر وكأن الخلاف ينحصر بين السلطة والمعارضة فقط مع أن المعارضة إنما التحقت بالشباب وليس العكس ,ومع كل ذلك يمكن أن تكون هذه المبادرة أساساً لحوار يحقق التوافق بين المطالب ولايجب أن يتمسك الخليجيون بحرفية المبادرة وأنها كتلة صماء لاتقبل التجزئة أو المناقشة أو التعديل. وإذا تم قبول ذلك من كافة الأطراف أمكن الالتقاء عند نقطة ما، أما إذا أصر كل طرف على تفسيرها لمصلحته وحده فإن هذه المبادرة ستلحق بسابقاتها وستفشل فوقوع العديد من الضحايا من قتلى وجرحى يحتم على الجميع أخذ ذلك بالحسبان , وتحميل كل طرف الآخر المسئولية عن اولئك الضحايا لايعفي الجميع من المسئولية سواءً الجنائية أو الأخلاقية , وقد كان لتنديد الأخ محافظ محافظة تعز بالمذابح التي استهدفت الشباب أثر طيب.. غير أن التنديد لايكفي فلابد من السعي الجاد لتقديم هؤلاء القتلة إلى المحاكم لينالوا عقابهم ,وتجاهل أو إغفال هذا المطلب سيفشل كل المساعي مهما كانت جديتها لحل الأزمة. ولكي يكون الحل ممكناً وهو ممكن إذا صدقت النيات لابد من محاسبة الذين تسببوا بكل ذلك الكم الهائل من القتلى والجرحى والكف عن القول عفا الله عما سلف , فإنه بالإمكان التنازل عن كل شيء إلا الدم لأنه يورث الأحقاد والضغائن والثأرات ولن تكون هناك نهاية لأزماتنا فالدم لايورث إلا الدم. أعود فأقول: إن المبادرة الخليجية تصلح أن تكون أساساً للحل بعد التعديل الذي يحفظ ولو الحد الأدنى من مطالب كافة الأطراف ,وحتى الآن كما تقول المعارضة لم تصل هذه المبادرة رسمياً إليها ,ويمكن حال وصولها التعامل معها. ومع ذلك فإن أحزاب المعارضة تنظر بعين إلى المبادرة وعين أخرى إلى الشباب المعتصم وردة فعلهم وموقفهم من المبادرة وعلى موقفهم سيكون موقف المعارضة، فالمعارضة لاتريد أن يتجاوزها الشباب والسلطة تحاول بخجل الاقتراب منهم وكلا الطرفين بخيل في تقديم التنازلات لإنجاح هذه المبادرة ونسأل الله أن يوفق الجميع لما فيه مصلحة اليمن التي هي أغلى وأكبر من الجميع.